هل يُغيّب الملك سلمان كحال رئيس الإمارات المختفي؟

اثنين, 09/16/2019 - 00:54

كان محمد بن سلمان مجرّد أمير من أحفاد الملك المؤسس للمملكة العربية السعودية، قبل أن يبتسم له الحظ فجأة وينقله بين عشيةٍ وضحاها من مجرد أمير عادي في شجرة العائلة المالكة إلى مقعد المرشح الذي يبتعد خطوات قليلة عن اعتلاء عرش البلاد.

وباتت حالة من الغموض والارتباك تهيمن على سياسة المملكة؛ عقب وصول ولي العهد إلى منصبه، في منتصف 2017، بعد عقود من استقرارها داخلياً وخارجياً.

ويتحدث كثيرون عن أن انتقال السلطة لن ينتظر وفاة الملك سلمان، بل قد بدأ فعلياً منذ أن صعد إلى منصب ولي العهد الذي أظهر تحكمه الفعلي بالبلاد، كما هو الحال في الإمارات التي يحكمها ولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد، في ظل غياب لشقيقه الأكبر خليفة بن زايد، الذي لا يرتبط وجوده إلا بمسمى رئيس البلاد فقط.

لماذا اختفى الملك؟

ومع تفجر الوضع في السعودية بسبب الهجوم على أكبر منشأتين نفطيتين في العالم شرق السعودية، بقي ملك البلاد صامتاً ولم يخرج بتصريح يذكر، في حين خرجت تصريحات وصفت بـ"الانفعالية" من ولي عهده، الذي طالما وصفته تقارير غربية بـ"المتهور".

ورغم أن الملك هو من يتلقى الاتصالات ويجريها مع الزعماء الآخرين، فإن ولي العهد السعودي -ضمن سيطرته على مقاليد الحكم- وضع يده على السياسات الخارجية والقرار الرسمي، وأصبح هو من يتصدر المشهد بدلاً من والده، خصوصاً في الأشهر القليلة الماضية.

في الـ14 من سبتمبر الجاري، أفادت وكالة الأنباء السعودية الرسمية "واس" بأن ابن سلمان تلقى اتصالاً هاتفياً من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أكد "استعداد الولايات المتحدة للتعاون مع المملكة في كل ما يدعم أمنها واستقرارها"، بعد هجمات الحوثيين على منشأة نفطية شرق السعودية، وهو ما يؤكد أن واشنطن ترى بن سلمان الحاكم الفعلي للسعودية.

 

وقال ابن سلمان إن لبلاده "القدرة والإرادة على الرد" على الهجوم الحوثي، بحسب ما نقلت وكالة الأنباء السعودية الرسمية.

ولم تكن هي المرة الأولى التي يتصدر فيها محمد بن سلمان للتواصل بالزعماء والرؤساء؛ حيث كشفت الوكالة السعودية عن اتصال هاتفي بين ولي العهد مع الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، في الـ7 من الشهر ذاته.

وأفادت الوكالة بأنه "جرى خلال الاتصال استعراض العلاقات السعودية الفرنسية، وتأكيد الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، وبحث مستجدات الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط، والجهود المبذولة من أجل أمن واستقرار المنطقة".

وفي 13 سبتمبر الجاري أيضاً، التقى الأمير خالد بن سلمان، نائب وزير الدفاع السعودي، بالرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، وقال خالد في تغريدة "بتويتر" إن اللقاء جاء بناء على توجيهات من ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان.

 

هل ابن سلمان هو الحاكم؟

وسبق أن كشف المغرد السعودي الشهير "مجتهد" على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" أن هناك غضباً يسود أوساط أبناء عبد العزيز؛ بسبب ما اكتشفوه مؤخراً بعد مكالمتهم للملك سلمان أو مقابلته شخصياً، وطريقة استغلاله إصابة الملك بألزهايمر.

وقال مجتهد: "لقد تبين لهم أن صدور القرار (أو الجواب) من الملك السعودي ليس إلا شكلياً، وأن صاحب القرار الحقيقي هو محمد بن سلمان"، الذي صاروا يسمونه الملك الذهبي.

وأوضح مجتهد: "المشكلة لن تنفعهم الشكوى للملك لأنه ينسى بعد دقائق ثم ينتقم منهم ابنه محمد بن سلمان، وليس لديهم جرأة أن يعلنوا أن الملك عاجز عقلياً فكلهم جبناء مترددون".

الوصول للسلطة

منذ 2015، ارتقى بن سلمان في المناصب بسرعة؛ حيث شغل مناصب عدة منها وزير الدفاع، ورئيس الديوان الملكي، والمستشار الخاص للملك قبل مبايعته، قبل أن ينقلب على الأمير محمد بن نايف، ويزيحه من منصب ولي العهد ويتولى مكانه.

ونجح في كسب رهانه؛ حيث أحدث ثورة في نظام الحكم بالمملكة الذي يمتد إلى 85 سنة، وغير النظام الملكي السعودي إلى نظام "أوتوقراطي"، يكون فيه الحكم للفرد الواحد وليس للعائلة كلها.

ومنذ مبايعة محمد بن سلمان ولياً للعهد، شهدت المملكة عدّة أحداث أثارت ضجة إعلامية واسعة؛ كاعتقال الناشطين والدعاة والعلماء، وجريمة قتل الصحفي جمال خاشقجي، وغيرها من القضايا التي أساءت لسمعة السعودية، ومحاولته الظهور بمظهر الحاكم للبلاد.

عقدة النقص التي حولته لحاكم قمعي

نشرت صحيفة "جورنال دو ديمانش" الفرنسية، في ديسمبر 2017، تقريراً كشفت فيه عن عدة جوانب من شخصية ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان.

وقالت الصحيفة في تقريرها، إن ابن سلمان أصبح الحاكم الفعلي للبلاد، لدرجة أنه يتولى مهمة الرد على المكالمات الهاتفية الموجهة للعاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز، مؤكدة أنه بدأ يبرز على الساحة السياسية شيئاً فشيئاً متخفياً في ظل والده.

وأفادت الصحيفة بأن ابن سلمان يظهر في صورة الحاكم القمعي؛ إذ يبدي استبداداً وعناداً في أسلوب حكمه، بالإضافة إلى أنه يعد طرفاً هاماً في الحرب الدائرة في اليمن، علاوة على مساهمته في تأجيج حالة من عدم الاستقرار التي تعصف بالشرق الأوسط.

وأشارت الصحيفة إلى أن ابن سلمان ما زال يعاني ضرراً نفسياً عميقاً لأزمة منذ الصغر، حيث دأب إخوته غير الأشقاء على النظر إليه بتعالٍ، ما دفعه للعمل على تغيير ذلك بشتى الطرق.

الانقلاب على والده

صحيفة "الغارديان" البريطانية كشفت، في مارس من العام الجاري، عن تفاصيل خطيرة لما وصفته بتزايد الخلافات بين الملك سلمان ونجله محمد، الذي قالت إنه ربما خطط للانقلاب على والده البالغ من العمر 83 عاماً، خلال سفره الأخير إلى مصر.

وتابعت الصحيفة في تقرير لمراسليها في واشنطن أن الملك سلمان وولي عهده اختلفا في عدد من القضايا السياسية الهامة، ومن ضمن ذلك الحرب باليمن، كما تحدثت المصادر عن قلق يتنامى من خلافات بين الملك وابنه منذ حادثة مقتل خاشقجي في مبنى قنصلية بلاده بإسطنبول، في الثاني من أكتوبر الماضي.

وزادت التوترات، بحسب مصادر مطلعة نقلت عنها الصحيفة، بين الملك وابنه بشكل كبير، في أواخر فبراير الماضي، عندما زار الملك سلمان مصر، حيث تم تحذيره من قبل مستشاريه من وجود خطر محتمل وتحرك ضده.

وكشفت المصادر عن أن حاشية الملك كانت تشعر بقلق شديد من تهديد محتمل لسلطة الملك، ما دفع إلى تكليف فريق أمني يتألف من 30 عنصراً من الموالين للملك تم اختيارهم بعناية من وزارة الداخلية ليرافقوا الملك في رحلته إلى مصر بدلاً من فريق الحراسة السابق.

إصدار القرارات

أشارت الصحيفة إلى أن ولي العهد، خلال زيارة والده لمصر في فبراير للمشاركة في القمة العربية الأوروبية، وبصفته نائباً للملك؛ أعلن عن تغييرات شملت تعيين الأميرة ريما بنت بندر بن سلطان سفيرة للسعودية في أمريكا، وتعيين شقيقه خالد بن سلمان نائباً لوزير الدفاع، وهو المنصب الذي يحتفظ به محمد بن سلمان.

وكشفت أن تلك التعيينات تمت من دون علم الملك، ما أثار غضبه بسبب ما اعتقد أنه تحرك سابق لأوانه لمنح الأمير خالد دوراً أكبر، موضحة أنه لم يسبق أن قام نائب الملك بتوقيع مراسم كالتي قام بها محمد بن سلمان خلال غياب والده، منذ عقود، مؤكدة أن الملك وفريقه علم بتلك التعيينات من التلفزيون.

وقالت الغارديان إن الملك سلمان سعى لإصلاح بعض الأضرار التي لحقت بالسعودية من جراء جريمة القتل التي استهدفت جمال خاشقجي، كما أن فريقه دفعه من أجل المشاركة بشكل أكبر في صنع القرار لمنع ولي العهد من الاستحواذ على مزيد من السلطات.

الحاكم الحقيقي

ومنذ عامين يعتقد الكثير أن ابن سلمان هو الحاكم الفعلي، ويقول بيري كاماك، وهو زميلٌ بمؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، في تصريحات نقلتها عنه وكالة "فرانس برس"، في أواخر 2017: "لا يمكنني الجزم متى يعتلي محمد بن سلمان العرش، لكنَّ انتقال السلطة الحقيقيّ قد بدأ بالفعل، إنَّه الحاكم الفعلي للسعودية الآن".

وأضاف: "الآن وقد خرج الجيل الأقدم من المشهد وجرى إقصاء منافسيه صغار السن، هُيّئ الأمر لمحمد بن سلمان ليتمتّع بسيادةٍ على المملكة لَم تُرَ منذ حُكم عبد العزيز، الذي أسس المملكة العربية السعودية الحديثة في ثلاثينيات القرن الماضي".

وتابع: "ينتهج بن سلمان حملة قمعٍ للمعارضة، وأخرى لإغواء الشباب ونيل رضاهم كما هو الحال مع الترفيه، حيث يحاول الملك المنتظر محمد بن سلمان إحكام قبضته على السلطة في المملكة العربية السعودية".

 

 الخليج اونلاين

Share

أخبار موريتانيا

أنباء دولية

ثقافة وفن

منوعات وطرائف