تتمتع الحكومات السياسية برؤى إستراتيجية و حكمة في التعامل مع مجمل المتغيرات التي تحدث من حولها و سعيها الجاد إلى الإمساك بزمام الأمور وعدم خروجها من دائرة السيطرة عليها كونها من أهل الدراية في خلجات السياسة وما يرتبط بها من متطلبات تشهد تغير ملحوظ في منهجية الكثير من أدواتها و تبدل ملموس في خارطة الطريق التي تسير وفقها الزعامات السياسية بغية معالجة الأحداث الطارئة ويكمن هذا في التحلي بمنهجية روح الفريق الواحد والعمل وفق الحكمة القائلة ( الوحدة قوة و التفرقة ضعف ) فالشرق الأوسط أضحى مسرحاً للعديد من الأحداث أهمها بروز الدب الروسي كطرف جديد في المعترك العالمي و انحسار الدور الأمريكي و أزمة السوخوي بين روسيا و تركيا و دخول إيران بثقلها الكبير على خط المواجهة فهذه الأحداث وما تبعها من تكتلات عربية انتهت بتشكيل التحالف الإسلامي العربي بزعامة السعودية و حلفها العسكري المسمى برعد الشمال كرسالة تهديد شديدة اللهجة لكل مَنْ يدعم الإرهاب في إشارة لحكومة طهران وبهذا فقد دخل العرب في حسابات معقدة أخذت تلقي بضلالها على القدرة العسكرية لها و التي بدأت تتبدد يوماً بعد يوم خاصة إذا ما علمنا أنها قد أدارت ظهرها للعراق و تركته فريسة سهلة لذئاب الشر و الرذيلة و مَنْ يقف خلفها في الخارج و هذه أولى الانتكاسات العربية جراء تخلي أولاد يعقوب عن أخيهم يوسف فضلاً عن موقفهم المساند لمخططات و مشاريع دعاة تدمير و تقسيم العراق من قوى إقليمية و أجنبية تحمل في طياتها أجندة ساعية لشرذمة الشعوب العربية و إدامة زخم الطائفية بينها عملاً بالقول السائد ( فرق تَسُد) فهل يا ترى ستعي دول الخليج خطورة اللعب بالنار جراء مواقفهم تلك و التحاقهم بركاب الغرب و مشاريعه الاستعمارية أم سنرى صحوة ضمير لأولاد يعقوب تجاه أخيهم الجريح و نسيانهم لما سلف و الأخذ بزمام مشروع المرجع العراقي الصرخي للإصلاح الحقيقي و التغيير الجذري الذي قدمه لهم وعلى طبق من ذهب بتاريخ 8/6/2015 كحل شامل للحد من التمدد الإيراني في المنطقة إلى الأبد و إبعاد شعوبها المقهورة و المظلومة عن شبح الحروب و النزاعات العالمية وما ستؤول إليه من حرق الأخضر قبل اليابس؟ وهذا ما حملته جملة الاستفهامات التي طرحها المرجع الصرخي خلال معرض تحليله لما يجري في الساحة العربية و موقف القادة العرب منها قائلاً : ((لقد أضاعت دول الخليج والمنطقة الفرص الكثيرة الممكنة لدفع المخاطر عن دولهم وأنظمتهم وبأقل الخسائر والأثمان من خلال نصرة العراق وشعبه المظلوم!!! لكن مع الأسف لم يجدْ العراق مَن يعينُه، بل كانت ولازالتْ الدول واقفة وسائرة مع مشاريع تمزيق وتدمير العراق وداعمة لسرّاقه وأعدائه في الداخل والخارج)) .
اليوم روسيا غادرت اللعبة و دمشق أصبحت ساحة لتصفية الحسابات و ملاذ واسع النطاق للصراعات المهلكة و أصبحت كل الاحتمالات واردة فيها فأين سيكون العرب يا ترى من تلك اللعبة يا قادة العرب ؟؟؟
بقلم // احمد الخالدي