أصبح التقليد الأعمى للغرب يظهر جليا في مجتمعاتنا الإسلامية، سواء في السلوكيات أو في المظاهر الخارجية، لقد أصبحنا نسير في الشوارع ونستحي أن ننظر أمامنا من سوء ما نراه، فكأننا في مجتمع غربي وليس بإسلامي، شباب لهم نفس تسريحة شعر الغربيين، نفس الثياب، نفس طريقة المشي، نفس طريقة الكلام بل نفس التفكير أيضا، تشبه ظاهر في كل شيء.
يقلدون الذين يستأثرون باهتمامهم وإعجابهم من الممثلين والمغنيين واللاعبين من مثل “ديفيد بيكهام” و”ميسي” و”شكيرا” و”جنيفر لوبيز” -التي أحدث ضجة كبيرة مؤخرا في المغرب بسبب تعريها أمام الملأ في مهرجان موازين- وغيرهم من مشاهير الغرب غير مبالين بآثار هذا التقليد عليهم وعلى المجتمع وخاصة تأثير ذلك على الأجيال الصاعدة وهذا مما يحز في النفوس وتتقطع منه القلوب حسرة ومرارة والله المستعان.
لقد أصبح البعض من المسلمين كأنهم دمية تتحرك في أيدي غيرهم، يحركونها في جميع الاتجاهات، كيفما شاءوا وأينما شاءوا دون أن يحرك المسلمون ساكنا كأنه ليس لهم هوية إسلامية يفتخرون بها والله المستعان.
ومن صور هذا التقليد الأعمى التي سأذكرها على سبيل التمثيل لا على سبيل الحصر:
أن ترى بعض الشباب يلبس على صدره ألبسة فيها محذورا شرعيا كصورة أو كرسم الصليب أو كلاما كُفري لا يفقه معناه، وتراه سعيدا بذلك اللباس الذي ينافي عقيدة التوحيد.
أن يقص الرجل شعره بطريقة غريبة، كطريقة “القزع” المنهي عنه الذي انتشر كثيرا في أوساط الشباب بحيث يحلق جوانب الرأس ويترك وسطه، أو يقص شعره على شكل من الأشكال كالنجمة أو على شكل حرف كحرف “Z” كأنه دجاجة منتوفة، وإذا لم يقصه على تلك الطريقة قام بدهنه وجعله مرفوعا إلى الأعلى أو ما يسمى عند المغاربة “بالتشويكة” فيصبح حين ذاك كأنه ديك في حالة شجاره.
أن يلبس السروال الفضفاض متشبها بذلك بمغنيي “الراب”، وبنطلونات ذات الخصر النازل حتى إذا جلس أو انحنى ظهرت عورته، وربما يسقط سرواله إن جره أحدهم، فكل الاحتمالات واردة مع هذا النوع الساقط من اللباس الذي لا أراه إلا لباسا للذكور لا للرجال مع وشمه لبعض أجزاء من جسده ووضعه للأقراط في أذنه وللسلاسل في عنقه ويديه كأنه أنثى.
تغني بعض الشباب بالأغاني الساقطة مع رقصات غريبة يرقصونها دونما معرفة بمصدرها وأصلها
– تركيز البعض على تحقيق المتعة وإشباع الغريزة الجنسية وذلك من خلال ما يشاهدونه من منكرات على شاشة التلفاز الذي يعتبر من أخطر الأسلحة المدمرة لبيوت المسلمين لما يبتون فيه من فواحش، وأضرب مثالا على الفتيات، فالفتاة عندما تشاهد بطلة المسلسلات الساقطة يعانقها هذا ويقبلها ذاك، وتمارس الحب بدون قيد ولا شرط، وتنجب بدون زواج، وتخرج من بيتها بدون إذن، وتلبس ما تشاء من لباس وتجلس مع هذا وتضحك مع ذاك، فهي تسعى إلى تطبيق هذا السلوك بغض النظر هل هذا حلال أم حرام، فتقوم بنفس الدور إلا أن دورها ليس في مسلسل مكسيكي أو تركي أو مغربي بل هو دور على أرض الواقع، فتسعى لفعل ما تشاهده فتصبح رخيصة تباع وتشترى بثمن بخس دراهم معدودات.
فهذا التقليد الأعمى جعل المرأة المسلمة تتحرر من أخلاقها وآدابها، وتنسلخ من مثلها وقيمها، وتخرج عن عفتها ودينها وحيائها، وتنساق نحو السفور والاختلاط، وذلك بأن خلعت حجابها وخرجت من بيتها شبه عارية وأبدت ما شاءت من زينتها، ووقعت في محاذير شتى.
ومن التقليد الأعمى للكفار تقليدهم في أعيادهم الشركية كالاحتفال بأعياد الميلاد وعيد الأم وعيد المرأة وعيد الحب.. وغيرها وهذا مما ابتليت به أمتنا الإسلامية حاليا، إذ أن مظاهر الاحتفال بهذه الأعياد تظهر جليا في مجتمعاتنا الإسلامية؛ والله المستعان
فكل هذا يرجع سببه إلى قلة الوازع الديني، وعدم استشعار مراقبة الله عز وجل، وانعدام الأخلاق، والجهل وعدم الثقة بالنفس وغيرها.
أليس من المخزي أن نرى المسلمين على هذا الحال؟!
لماذا لا يقتدي هؤلاء بالسلف الصالح وما كانوا عليه من علم وزهد وعبادة؟
لماذا يرضى هؤلاء بالدونية والتبعية لغيرهم من الكفار؟
إن المقلد يشعر دائما بعقدة النقص وضعف الشخصية اتجاه الآخر، فهو يقلد من يشعر اتجاهه بالنقص والضعف دون تفكير، وهذا التقليد يعتبر نوعا من أنواع التخلف ولا ينجم عنه إلا الفساد، والواقع الذي تعيشه أمتنا الإسلامية اليوم من التفسخ والانحلال أوضح الأدلة على صحة ذلك.
فلا شيء يدل على ضعف الأمة الإسلامية وهوانها وتبعيتها من كونـها مقلدة لغيرها، فأسأل الله عز وجل أن يرد هذه الأمة إلى دينها ردا جميلا، وأن يحررها من أغلال التبعية العمياء، فتستعيد عزتها ومجدها، ولن تنال ذلك إلا بالرجوع إلى الكتاب والسنة وما كان عليه سلف الأمة.
بقلم: عمر دغوغي الإدريسي مدير مكتب صنعاء نيوز بالمملكة المغربية.