صدرت خلال السنوات الأخيرة تقارير رسمية من السلطات الموريتانية جاء فيها: إن 5.3 من الرجال المتزوجين الذين شملهم الاستطلاع قد خانوا زوجاتهم مع شريكين أو ثلاثة خلال سنة، وإن 9.1% من غير المتزوجين قد انجرفوا في الرذيلة مع أكثر من شريك، وهو ما يؤكد أن البغاء ينتشر بشكل كبير وإن بصفة سرية، ومن أكثر مقاطعات الوطن احتضاناً لهذه الظاهرة مقاطعة الميناء، إذ تتمتع المومسات فيها بحماية مباشرة من بعض رجال الأمن - على غرار أغلب المشتغلات في هذا الميدان - تسمح لهن بالعمل دون مضايقة وفي وضح النهار، بل إن بعضهن تنفذ عمليات احتيال ونصب في حق ضحاياها آخذة في الحسبان مكانتها المميزة في قلب مفوضية الشرطة.
الأمم المتحدة دقت هي الأخرى ناقوس الخطر؛ حيث أصدرت أواخر القرن الماضي تقريراً على موقعها الإلكتروني يتخذ من البغاء في موريتانيا موضوعاً له، أشار إلى أن مقاطعة الميناء تحتوي وحدها على 200 بائعة هوى تتوزع على أكثر من 30 ماخوراً، ومع علمنا أن العدد قد يكون أكبر من هذا بكثير، إلا أننا سنكتفي بهذا العدد لإجراء عمليات حسابية بسيطة تبرهن على انتشار "السيدا" في المجتمع الموريتاني؛ إحدى المومسات صرحت في إطار التقرير آنف الذكر أن زبائنها أحياناً يبلغون 15 زائراً في الليلة الواحدة، لكنها أردفت أنه في مواسم كساد تجارتها - في رمضان مثلاً - لا يقل زوارها عن خمسة أشخاص في الليلة الواحدة، فلو أخذنا بأصغر قيمة في المجال (5 – 15) لوجدنا أن هذه المومس تمارس الجنس سنوياً مع 1800 رجل على أقل تقدير، بمعنى أن بيوت الدعارة في الميناء وحدها تستقطب سنوياً 360 ألف رجل، ولك - عزيزي القارئ - أن تتصور لو أسقطنا الأمر على باقي مومسات نواكشوط وأنواذيبو وباقي أنحاء الوطن أليس الأمر مؤسفاً؟
مركز العلاج المتنقل في نواكشوط الذي أنشئ في ديسمبر 2004م ويتكفل حالياً بـ3767 مريضاً من بينهم 1767 تحت العلاج بالمضادات الفيروسية، أكد أن العدد الإجمالي للأشخاص المتعايشين مع الأيدز في موريتانيا يدور حول 25 ألف فرد؛ ما يمثل معدل إصابة بـ0,7% من الموريتانيين.
ولم تعد التعاليم الإسلامية الحنيفة حائلاً يحول بين الإنسان الموريتاني وممارسة الدعارة، حيث أصبحت الظاهرة تنتشر بشكل مخيف في نواكشوط وأنواذيبو، وبعض المدن الداخلية الأخرى، وتعتبر الظاهرة أكبر مسبب للأمراض الخطيرة والمستعصية كـ"السيدا"، والأمراض المعدية، وكذا المنتقلة جنسياً، فضلاً عن تسببها في جرف الكثير من الشباب وحتى الشيوخ إلى الإدمان على ممارسة الرذيلة والسلوكيات الدخيلة على المجتمع الموريتاني المحافظ.
وحسب جمعيات مهتمة بهذا المجال، فإن كثر من 800 حالة اغتصاب سنوياً تسجل في بلادنا، تشمل اغتصاب الأطفال والقاصرات، 90% منها لا يعلن عنه؛ بسبب الخوف من الفضيحة والعادات الاجتماعية السائدة، ولا يتعرض المغتصب فيها لأي عقاب، بل لا يجد من يقدم شكوى ضده أصلاً!آلاف حالات التحرش والإساءة إلى النساء والفتيات والأطفال سنوياً في المدارس وأماكن العمل والشارع، إضافة إلى الانتشار الكبير للمواد المخدرة والكحوليات بحيث تصل إلى المراهقين والشباب بكل سهولة ودن أي عناء.
وتؤدي مقاهي الإنترنت ومراكز الألعاب والفيديو التي تعرض الأفلام الإباحية على الأطفال من عمر 5 سنوات فما فوق دوراً أساسياً في انتشار الظاهرة في أوساط الشباب، بدون أي رقيب ولا مساءلة قانونية.وتعتبر "البارات" والمطاعم من أكثر الأماكن احتضاناً لهذا النوع من الرذيلة والأخلاقيات الضارة، حيث يكون المشرف عليها أجنبياً في أغلب الأحيان، ويتلقى الدعم من معاونيه (قائمين على العملية والمروجين..) وهم في الغالب موريتانيون.
وقد ظهرت العديد من المنظمات الرافضة للاباحية في موريتانيا، والمطالبة بوضع حد لانتشار الرذيلة في البلاد، وفي ما يلي أبرز مطالب تلك المنظمات:
إغلاق كافة أوكار الدعارة والرذيلة وتجريم العاملين فيها وتقديمهم إلى العدالة.
إغلاق جميع محلات بيع الخمور والمسكرات وتجريم العاملين فيها وتقديمهم إلى العدالة.
حجب المواقع الإباحية جميعاً ولدى كل مزودي الإنترنت في البلاد: "موريتل – شنقيتل – ماتال.
وضع رقابة صارمة على مقاهي الإنترنت العمومية ومحلات أشرطة الفيديو ومنعها من عرض وتوزيع المواد الإباحية وإيقاع عقوبات صارمة بالمخالفين منها.
إنشاء شرطة آداب ذات تكوين أخلاقي ومهني عالٍ؛ كي يناط بها مهمة الحفاظ على الأخلاق العامة في المدن ومحاربة الانحراف والجريمة الأخلاقية.
وضع عقوبات صارمة لجرائم الاغتصاب والتحرش الجنسي وانتهاك حرمة الشارع تصل إلى الإعدام والسجن المؤبد.
حماية المرأة من جرائم التحرش والاغتصاب في المدرسة والعمل والشارع وفي كل مكان.
التركيز على نشر القيم والأخلاق الفاضلة من خلال مناهج التعليم بمختلف مراحلها عبر تعزيز مكانة مادة التربية الإسلامية والمواد الداعية للفضيلة.
إلزام جميع المدارس الخاصة والعمومية بحماية أخلاق التلاميذ وتوفير جو أخلاقي مناسب للتعليم.
تعزيز دور مؤسسات المجتمع المدني في نشر القيم الفاضلة وحماية الأخلاق العامة.
وكالات