حريّة التعبير..ليست..إساءة التعبير

خميس, 12/03/2020 - 22:31

رُبَّ أحد يستفسر عن مفهوم"حرية التعبير"، وهل للتعبير  حرية، وقبل أن نفهم هذا المفهوم ماذا نعني بالحرية التي نتحدث عنها، وأين تقف حدودها، وأين نحن من هذه الحدود؟

الحرية حق ثابت لكل فرد في المجتمع،  وترتبط الحرية الفردية بالحريةالجماعية، ويقال: "تنتهي حرية الفرد عندما تبدأ حريات الآخرين" والولايات المتحدة الأمريكية في بداية التأسيس عندما أطلقت مفهوم الحرية؛ قالت "لا حرية لأعداء الحرية" وهذا يعني أن للحرية  أعداءً وحدوداً، وإن كانت بالتعبير ،يعني أن ليست كل التعابير مسموح بها في كل الأوقات والأمكنة "لكل مقام مقال" ،وهنا للقول والتعبير مقامات وأعراف بل حتى قوانين مقيدة، ومن ضمن القول الشهادة، والزور فيها يغير الحقائق ويحول الجاني أحياناً إلى ضحية،  والقول هنا جريمة، ولكن بنفس الوقت يُقال "ليس كل ما يُعرف يُقال" وكلام يؤدي إلى مشكلة، فالسكوت عن نطقه أفضل من قوله، و"إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب" وذكرته الأحكام الشرعية بالصمت الواجب والمستحب والمكروه والمحرم والمباح.

ينطبق على القول ما ينطبق على الصمت، فيما اذا كان الحدث واقعاً والحديث صحيحاً، فكيف اذا كان غير واقعي وسمعي، وكثيرة فيه الأرقام والإتهامات التي تجانب الحقائق، بآراء مستغلة فسحة الحرية، وشعار حرية التعبير.

الكلام يُنطق بأحرف معدودة في كل لغة، إلاّ أنها تعطي معانيَ مختلفةً إن تغيرت نبرتها عند إستخدامها من شخصين مختلفين؛ تبعاً للبيئة والمقصد والعلمية بالموضوع والعمق ،وكما يُقال "المعنى بقلب الشاعر"، فكيف إذا قرأ الشعر من لا يعرفه، والأدهى أن تحدث بموازين الشعر مَنْ لم يجرب كتابة حرف منه.

إن التعبير حق  وله حرية تتوقف عند حريات الآخرين، إلاّ أن الأهم من لا يعرف مغزى الحديث وتبعاته، وقدم مصلحة الفرد على الجماعة، والتعبير لابد أن يكون ناجماً عن معرفة حدود الحرية، وأن لا يكون من يُعبر به فقط وسطاً ناقلاً، لتحصد نتائجه ليس من مصلحتها صيانة الحرية، أو حتى تحقيق مصلحة ذلك الفرد الذي أوهمته أن الحرية أن تمارس وتقول ما يباح و ما لا يباح، تحت يافطة الحرية، وأن كانت عند الدول قوانين، فعند الشعوب أعراف أكثر رسوخاً وتأثيراً من القوانين المكتوبة. 

يبقى التعبير حراً فيما اذا كان مبنيّاً على مباديء معرفية، وفهم الكلمات قبل التعبيرعنها ومالها من تأثير آني ومستقبلي، والأفراد أحرار عمّا يعبرون إلى حدود  الإضرار بحريات الآخرين، والأقل ينطبق عليهم مبدأ تفضيل حرية الفرد على الجماعة، وإلاّ عليهم إقناع سواهم للمشاركة في ذاك التعبير، فهي إقناع لا تقاذف وزيادة إنقسام، وحين أتيحت وسائل التواصل الإجتماعي، فليس معناه عندما تمتلك قلماً؛ تستطيع كتابة ما تشاء، أو تُعطى حرية التعبير وتعبر بالإساءة دون دراسة والواقع والإنطلاق من الحقائق وإدراك الأضرار، ويعني إستغلال حرية التعبير وتجاوز حدودها، هو عداء للحرية وإساءة بالتعبير.

 واثق الجابري

Share

أخبار موريتانيا

أنباء دولية

ثقافة وفن

منوعات وطرائف