بادئ ذي بدء يسعدني أن أتقدم بالشكر الجزيل الى وكالة حمورابي والقائمين عليها وفي المقدمة الشيخ محمود الجاف على تكريمهم لي بهذا اللقاء للحديث عن مسيرتي الأدبية وأقول رداً على سؤالكم
س : متى بدأ اهتمامك بالأدب وتجربتك الشعرية ؟
ج : انني مذ كنت طالباً في كلية الشريعة مطلع ستينات القرن الماضي تأثرت كثيراً بما كان يلقيه في محاضراته علينا الدكتور الناقد الكبير حسين نصار من مصر الشقيقة ونحن في السنة الثانية من الدراسة الجامعية وبالأخص عن الشعر الجاهلي والمعلقات العشر وبدأت أقرأ في كتب النقد وفي مقدمتها كتاب الشعر والشعراء لابن قتيبة وقدمت بحثاً طلبه مني استاذي الدكتور حسين نصار عن كبرياء المتنبي من خلال شعره وعندما اتممته كنت خائفاً متوجساً من تقديمه له ولكن بعد اطلاعه عليه شكرني وأثنى على البحث وقال : البحث ممتاز ولكن جلب انتباهي ما جاء في مقدمتك من تعابير لغوية جميلة ورصينة وما جاء في الخاتمة من استنتاجات تدل على حاسة نقدية يمكن تطويرها وقد فرحت بهذا الإطراء وزادت مطالعاتي لكتب الأدب ودواوين الشعراء القدامى وكان عام 1966م العام الذي كتبت فيه ابياتاً من الشعر ولكني لم أحاول نشرها خشية النقاد وبقيت بين الحين والآخر اكتب المقطوعة والبيتين والثلاثة ..
وخلاصة القول : أن تجربتي الشعرية لم تكن فريدة بل هي كتجارب الآخرين لان الشعر مجموعة أحاسيس تجيش في الصدر فيقذفها اللسان وكان قدامى النقاد يقولون : إنه الكلام الموزون المقفى . وبالآخر فهو كلام يختلف في الصورة عن النثر يؤثر في نفس السامع وقد اخبرتك ان أواسط ستينات القرن الماضي كانت البداية ولكن لم أكن أنشر تلك المحاولات لأنني أعتقد آنذاك إنه التعبير عن النفس ويجب أن أحتفظ بخصوصيتها وكذلك التهيب من النقد ...
س - متى بدأت تنشر شعرك ؟
ج : لم انشر قصائدي الا في مطلع الثمانينات التي شهدت العدوان الإيراني على العراق وكنت أنشرها في صحف القادسية والعراق ولكن قبلها في السبعينات كنت اكتب في صحيفة الشعب الموريتانية مقالات اسبوعية في النقد والتراث الشعري في المشرق وفي حينها كنت استاذاً للأدب في المعهد العالي لتكوين الأساتذة في نواكشوط وهناك كان لي تواصل ولقاء مع الشعراء والمؤرخين الموريتانيين التي كانت ثمرتهما كتابي ( موريتانيا موطن الشعر والفصاحة) الذي لم يرَ النور الا عام 2012 وقد تأخر بسبب الحصار الجائر على وطني والحروب التي عانى منها ..
س- هل لديك نتاجات شعرية او نقدية أخذت طريقها للنشر ؟
ج : نعم صدرت لي ستة دواوين شعرية : رصاص في عيون الموت ، آهات مكفنة ، بغداد زهرة في زمن الجفاف ، شظايا وزهور ، رسائل على ثنايا الريح ، وآخرها العام الماضي بعنوان : نوارس فقدت شاطئها.. أما المؤلفات النقدية فقد صدر لي خمسة كتب هي : الإبحار الى سواحل زايد عبر رائعة الشاعر محمد بن خليفة بن حاضر ، الوطنية في شعر الدكتور حماد الخاطري ، الشاعر سيف بن محمد المري بين الشعر والإعلام ، إضاءات على شعر عبد الرحمن الشمري في ( حظ البخيت) الشاعر محمد خليفة بن حاضر ( سيرة وذكريات ( .. وفي تاريخ الأدب صدر كتاب موريتانيا موطن الشعر والفصاحة عام 2012 وأعيد طبعه هذا العام 2021 وكلها قد عرضت في معارض الكتب الدولية في أبو ظبي والشارقة ومسقط..
س- هل هناك مشاريع جديدة ؟
ج : بالتأكيد إذا أمد الله في العمر فأنا أعكف اليوم على اتمام كتاب ( الرجل الذي قتل الموت) الذي يتصدى لما حدث في العراق منذ عام 2003 وما تعرض له من عدوان وسرقة ومحاكم ظالمة ومؤسسات منحرفة الى جانب كتاب آخر بعنوان ( رجال عرفتهم ) وهو عبارة عن ذكريات لشخصيات سياسية واجتماعية وثقافية التقيتها في مسيرة الحياة الوظيفية وبعدها في العراق والوطن العربي .. وأعد لجمع آرشيف عن كتاباتي الصحفية وقصائدي المنشورة في الصحف سواء في العراق أو الوطن العربي كما أنوي إعادة طبع كتاب ( عطاءات أبناء ديالى ) الصادر عام 1996م وهو كتاب تاريخي توثيقي لعدد من أهالي ديالى ومواقفهم الوطنية..
س - في ختام اللقاء كيف تنظر الى العراق والمسيرة الثقافية فيه ؟
ج : يا عزيزتي العراق كان حاضنة الثقافة العربية منذ أيام الدولة العباسية وكان كعبة للشعراء وموطناً للفقهاء ومختلف العلوم الطبية والجغرافية والترجمة ومرت عليه عواصف هوج وموجات عاتية من الحقد بدأت بغزو المغول عام 1258م وانتهت بعدوان العالم عليه بقيادة أمريكا عام 2003 م والذي كان متطابقاً في مراميه مع غزو المغول حيث استهدفت هذه الغزوات الثقافة والأنسان ونشرت الموت والدمار ولكن هذا العراق يتميز بإنه يحمل ارادة في الصبر والمقاومة تقوده للنصر على مستهدفيه ثم تورق فيه شجرة الحياة والإبداع ويعيد الأخيار مادمره الأشرار وما نراه اليوم في الساحات التي تغص بالشباب الثائر إلا تجسيداً لتلك الإرادة ..
حاوره ولاء العاني
رئيسة تحرير وكالة حمورابي الاخبارية