لقد أثير الكثير من اللغط والتساؤلات حول قرار مجلس النواب عام 2019 والقاضي بتجميد عمل مجالس المحافظات عموماً،ويأتي هذا الأجراء بعد الاحتجاجات العارمة التي اجتاحت البلاد وطالبت بإلغاء مجالس المحافظات،وعلى أثرها تباينت وجهات النظر حول هذا القرار بين مؤيد للأجراء الحكومي وبين معارض،ولاسيما أن هذه المجالس نص عليها الدستور العراقي النافذ صراحةً،لان الدستور العراقي نص صراحة على أن النظام في العراق نظام لامركزي إداري، وان النظام الاتحادي في البلاد يتكون من عاصمة وإقليم وحكم لا مركزي في المحافظات عموماً،حيث نصت المادة(122) من الدستور على منح المحافظات التي لم تنتظم بإقليم كافة الصلاحيات الإدارية والمالية لإدارة شؤون المحافظة ووفق مبدأ اللامركزية الإدارية، وينظم ذلك بقانون في انتخابات مجلس المحافظة وبما يتسق مع الدستور،لذلك فان السلطات المحلية أو تحديد صلاحياتها،لابد أن يكون ضمن النص الدستوري،وان حل هذه المجالس يتم بناءً على طلب ثلث الأعضاء ووفق أحكام قانون المحافظات غير المنتظمة بإقليم رقم(21) لسنة 2008 ويتم ذلك كله في حالة مخالفة المجلس لقوانين وشروط العضوية في المجلس،كما أن لمجلس النواب حل المجالس بالأغلبية المطلقة بعدد أعضائه ومن خلال طلب يقدمه المحافظ أو طلب ثلث أعضاء مجلس المحافظة .
برزت في الآونة الأخيرة على المشهد السياسي مطالبات بتفعيل دور مجالس المحافظات،خصوصاً بعد أعداد رئاسة الجمهورية مشروع قانون لمجالس،على أن تجرى الانتخابات بالتزامن مع انتخابات مجلس النواب العراقي والتي من المزمع إجراؤها في تشرين الأول المقبل،على أن يُشرع قانون بتقليل عدد أعضاء مجالس المحافظات،وان لا تكون ساحة للصراعات والخلافات السياسية والتي عطلت المشاريع التنموية في المحافظات كافة،كما ينبغي أن يصار إلى تحديد مهام المجلس المحلي بدقة،كونه شُرع بوصفه مجلس خدمي يعمل على تقديم الخدمات للمجتمع عموماً، فضلاً عن مهامه الدستورية في تشريع القوانين في المحافظة .
وأخيراً لابد من إيجاد آليات دستورية توضح أداء مجالس المحافظات، وأما تقليص عدد أعضاءها فهو أمر مهم لما تشكله من عبء مالي مدمر على الدولة، حيث تحولت من دورها الخدمي إلى ساحة صراع سياسي، على أن يقر قانون يتيح انتخاب المحافظ بالاقتراع المباشر وبدون أي تأثير حزبي أو سياسي وبما يضمن صعود من يختاره الجمهور دون غيره، وتفعيل دور الرقابة المالية والإدارية ورقابة الشعب على مصالحه من خلال أعضاء مجلس النواب للمحافظة بتشكيل لجان رقابية تمارس مهمتها الرقابية لكل محافظة، وإعادة النظر في قانون المحافظات والانتخابات، عبر الدوائر المتعددة، والقوائم المفتوحة وبما يتيح مشاركة الكفاءات والخبرات في خدمة المحافظة، وإنهاء دور الأحزاب السياسية التي كانت أداة تخريب وسرقة للمال العام ونهب خيرات المحافظات.
محمد حسن الساعدي