قد نتفق كلنا بداية أن جذور الإرهــاب في العراق ينبغي قلعها تماماً، ولكن ما يعيق تنفيذ هذا الامر, أنه اصبح أداة دولية وتجارة رائجة بيد قوى أقليمية وعالمية..
هذا بالضبط مثلما أريد للعراق أن يكون (سوقا مفتوحة) لهذه التجارة الخبيثة، لما يمتلكه من خيرات وما يتمتع به من موقع جغرافي مهم, في المنطقة التي اصبحت هدفاً من قبل القوى الكبرى, للسيطرة عليها الأمر الذي جعل منه منطقة صراع على النفوذ, وأبعاد إسرائيل عن التوتر مع العرب، وصنع جبهة داخلية فيما بين الاسلاميين انفسهم ( الاسلام المعتدل والمتشدد).
المنطقة التي يتحرك فيها الإرهاب, بطرق وخطط مدروسة ينفذ فيها عمليات نوعية, تخلو تماما من الإنسانية والرحمة في الاستهداف, ولا تنتمي الى الإنسانية حيث القتل العشوائي للأبرياء، وتقطيع أشلاء الناس بدم بارد, وكأن المستهدف من وراء ذلك هو الشعب العراقي، وكل ذلك العمل الخبيث تم تحت أسم (الجهاد) الذي لايمت بأي صلة الى اسلامنا المحمدي بأية صلة..
هذا الكائن المسخ كان يتحرك وفق أجندات, لإعادة المعادلة السابقة والظالمة, ووفقا للمصالح السياسية.. بل تبين لاحقا أن هناك بعضا من ساسة العراق الجدد, وخاصة أولئك الطامحون الى, إبقاء الدولة العراقية ضعيفة ومفككة, أو المهيمنون على المواقع الحكومية الحساسة بطريقة المحاصصة بمعزل عن الكفاءة والمهنية, مع أنهم اليوم الأعلى صوتا والأكثر صراخا, في انتقادهم للفساد الإداري والأداء الحكومي في العراق!
الاختراقات المتكررة للمناطق الرخوة من قبل الإرهاب, خير دليل على وجود حاضنة له داخل ما يسمى (بحكومة الشراكة الوطنية) وتسعى هذه بدورها, لإفشال الوضع برمته أو على الأقل ترسيخ الاعتقاد السائد بأن ما يجري في العراق هو (مشروع فاشل).. تعرّضت المنطقة الخضراء للعمليات الإرهابية مرات عدة, رغم كثافة القوات الأمنية والطوق الأمني المحيط بالمنطقة, وكذلك الوزارات العراقية.. ناهيك عن الأسواق الشعبية والمناطق الآهلة بالمدنيين العزل, وأخرها ما حصل في الطارمية وكركوك..
من المهم التأكيد على ضرورة ان يأخذ الجانب الامني والإستخباراتي, دوره في ملاحقة فلول الارهاب وحواضنه اينما كانت، فما شاهدناه من انفجارات يعكس التراجع الواضح, للحكومة والأجهزة الامنية من جهة, وقدرة الارهاب على التواجد والضرب النوعي, في اي مكان وأي وقت يختاره.. فمن الشجاعة ان تعترف الحكومة, بعدم قدرتها على مسك زمام الامن والمحافظة على دماء الناس، ومن الشجاعة عندما تعترف الحكومة ورئيسها, بعجزها عن الوقوف أمام مافيات الفساد السياسي, وعصابات الجريمة المنظمة والقتل, وتقول للشعب العراقي نعتذر من لأننا لم نحفظ دماءكم .
محمد حسن الساعدي