بدأ العد التنازلي لدخولنا لأهم وأقوى إنتخابات تجرى في العراق، فالقانون الجديد لم يفسح المجال أمام الكتل السياسية لعبور مرشحيها بسهولة، وإنما قوض ذلك من خلال صعود المرشح بأصواته مهما كانت، وهذا بحد ذاته أصبح احد الأدوات المهمة في التحول الانتخابي, ومنع أي سرقة أو تلاعب بالأصوات..
مع كل الإجراءات المهمة التي قامت بها المفوضية ولازالت, إلا أن هناك مخاوف جديرة بالوقوف عندها، كونها ما زالت تمثل تحدياً أمام الدولة, وهي قائمة وحقيقية ومشروعة، إلا أن هناك هواجس ما زالت مرشحة للظهور, كون هذه الانتخابات تمثل الحد الفاصل بين ديمقراطية عام 2003 والديمقراطية الجديدة, التي قد تنهي حالة عسكرة المجتمع، وانتشار السلاح بين الناس، وتقويض سلطة العصابات المنظمة والخارجين على القانون، بما يحقق السلم والأمان في البلاد، بعد أكثر من 17 عام مليئة بالصراعات والاقتتال الطائفي, خلفت الآلاف من الشهداء والجرحى .
هناك بعض المخالفات والتجاوزات, التي يمكن لها أن تؤثر على الحركة الانتخابية في تشرين القادم، ومن الضروري تشخيص هذه الحالات السلبية, بالاستفادة من الانتخابات الماضية ومنع تكرارها, وتحديد الثغرات لغرض إغلاقها في مجمل العملية الانتخابية القادمة، والتي منها "دور المراقب" حيث يمثل الأساس في مراقبة الانتخابات(ظاهراً) ولكن في نفس الوقت يعمل على التثقيف في داخل محطة الاقتراع، إلى جانب أن موظف الانتخابات لا يمكنه منعه, من أي تصرف يقوم به خارج سياق القانون والنظام الانتخابي، إلى جانب الخشية من هذا المراقب لأنه يمثل جهات سياسية, وهذه قد تمتلك سلاحا, ولا يوجد من يحمي الموظف الإنتخابي!
هناك مخاوف جدية من الكتل السياسية, التي شهدت تراجع في أدائها، ما يعني تراجعها جماهيرياً، وخسارة أصواتها التي حصلت عليها في الانتخابات الماضية، سواءً من خلال صناديق الاقتراع, أو من خلال عمليات التزوير المنظمة التي قامت بها، ما يعني أنها ربما تقوم بإعمال تؤثر على مصداقية الانتخابات ويمكن إبطالها، ومثل تلك المخاوف تعتبر جدية في قبالة الإجراءات, التي تقوم بها الحكومة لضمان امن الناخب والمرشح على حد سواء.
من الضروري الاهتمام بأمن الناخب والمرشح, على حد سواء من خلال تكثيف الجهد الأمني والإستحباري, في متابعة ومراقبة سير العملية الانتخابية قبل وخلال وبعد عملية التصويت، وإدامة الزخم في مراقبتها من قبل فرق الأمم المتحدة, والتي من المؤمل أن تكون مهمتها مراقبة العملية, وتقديم المقترحات اللازمة من اجل ضمان انتخابات نزيهة وشفافة، كما ينبغي للجهد الأمني, أن يأخذ طريقه من الآن, في حماية المرشحين ومنع أي أساليب تهديد أو استفزاز, تقوم بها بعض الكتل السياسية, والتي من شانها تؤثر على الصورة الانتخابية، من الضروري جدا تقديم تجربة انتخابية رائدة وفريدة تعكس حالة ديمقراطية, تستعيد بعضا من ثقة الناخب فيها, وتقدم نموذجا جديدا لديمقراطية ما بعد عام 2003.
محمد حسن الساعدي