قائمة المرشحين النهائية للإنتخابات الرئاسية في ليبيا تكشف ملامح الرئيس المقبل

اثنين, 12/06/2021 - 18:28

يتعقد المشهد السياسي الليبي أكثر مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية، وترتفع حدّة التطاحن القانوني على مستوى دوائر الطعون القضائية لإخراج ثلاث شخصيات جدلية رئيسية، تملك أكبر الحظوظ للفوز بكرسي الرئاسة.

ويتعلق الأمر بعبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة الوحدة، وخليفة حفتر، قائد مليشيات الشرق، وسيف الإسلام القذافي نجل زعيم النظام السابق.

فهذا الإثنين، من المقرر أن يشهد إعلان المفوضية العليا للانتخابات القائمة النهائية للمرشحين الذين سيدخلون رسميا السباق الرئاسي.

وبمجرد إعلان قائمة المرشحين من المرتقب أن تنطلق حملة انتخابية غير تقليدية، بسبب العوائق الأمنية، التي تحول دون قدرتهم على التحرك بحُرية في مدن الأقاليم الثلاثة (طرابلس، برقة وفزان).

الدبيبة ينجو وحفتر في ورطة

حسم الدبيبة وسيف الإسلام القذافي، بشكل رسمي، تأشيرة المرور إلى خط انطلاق الحملة الانتخابية، بينما يوجد حفتر في ورطة، ويحاول نواب مقربون منه إنقاذه منها عبر الضغط على مفوضية الانتخابات والمجلس الأعلى للقضاء لتأجيل الإعلان الرسمي عن القائمة النهائية للمرشحين.

فالدبيبة، الذي قبلت مفوضية الانتخابات ملف ترشحه، تقدمت عدة شخصيات بطعون على ملف ترشحه، تتضمن اتهامه بعدم تقديم استقالته من منصبه قبل 3 أشهر من موعد الانتخابات، وتعهده السابق بعدم الترشح للانتخابات، فضلا عن عدم اعترافه بسحب مجلس النواب الثقة من حكومته.

وإن قبلت المحكمة الابتدائية في طرابلس الطعون المقدمة في حق الدبيبة، إلا أن استئناف الأخير للحكم أعاده مجددا إلى السباق الرئاسي رسميا.

بينما يواجه حفتر حكما من محكمة الزاوية الابتدائية (غربي ليبيا) باستبعاده من السباق الرئاسي، نظرا لامتلاكه جنسية أميركية، وصدور حكم غيابي ضده بالإعدام من محكمة مصراتة العسكرية.

إلا أن حفتر تجاهل هذا الحكم، خاصة وأن محكمة بنغازي (شرق) سبق وأن رفضت عدة طعون لاستبعاده من الترشح.

واعتبر النائب الموالي لحفتر، جبريل أوحيدة أن الحكم لا يعتد به لأن محكمة الزاوية غير ذات اختصاص.

في حين أوضح المتخصص في القانون الدولي حمزة علي، في تصريح لقناة ليبيا الأحرار، أن "الاختصاص ينعقد للجنة الطعون في مدينة الزاوية، لأن الطعن ليس موجها ضد أي مترشح بعينه، وإنما ضد المفوضية العليا للانتخاب، لأنها من اتخذ القرار بتسجيل المرشحين".

ولفت إلى أن مفوضية الانتخابات "جهة عامة، وحسب قوانين الاختصاص فإن الجهات العامة يكون موطنها أي مكان في ليبيا توجد فيه".

ويضيف المتخصص في القانون الدولي، أن هذا الحكم القضائي (استبعاد حفتر) "يمكن الطعن فيه بطريقة واحدة أمام لجنة استئناف طرابلس، حسب المادة التاسعة من لائحة المجلس الأعلى للقضاء، وإذا لم يتم استئناف الحكم، أو تم استئنافه ورُفض، يصبح حكما نهائيا ويحب على المفوضية العليا للانتخابات تنفيذه".

بينما وقع 72 نائبا برلمانيا أغلبهم من الداعمين لحفتر، على لائحة تطالب باجتماع مجلس النواب، الإثنين، وحذروا "المفوضية العليا للانتخابات من إعلان قائمة المرشحين النهائية، إلى حين انتهاء جلسة المساءلة ليتسنى لمجلس النواب تقويم الوضع وسبل إنقاذ العملية الانتخابية في موعدها".

ويشتبه في أن يحاول النواب الموالون لحفتر، الضغط على مفوضية الانتخابات والمجلس الأعلى للقضاء، لإعادة حفتر إلى السباق الانتخابي واستبعاد كل من سيف الإسلام والدبيبة.

القذافي الابن أصبح مرشحا رسميا

كان استبعاد مفوضية الانتخابات لسيف الإسلام القذافي، وبقية مرشحي النظام السابق مثل محمد أحمد الشريف، وزير التعليم الأسبق، وبشير صالح، المدير السابق لمكتب القذافي، متوقعا لأسباب سياسية أكثر منها قانونية، خاصة بعد إبداء الولايات المتحدة الأميركية تحفظها على هذا الترشح.

إلا أن طعن القذافي الابن أمام محكمة مدينة سبها (جنوبي ليبيا) تصدت له مليشيات حفتر بالقوة، حيث طردت القضاة وموظفي المحكمة، وحاصرت مقرها، لمنع إصدار الحكم.

ورد أنصار القذافي بالتجمهر أمام المحكمة، كما أدانت روسيا استبعاد القذافي الابن من السباق الرئاسي، وانتقدت حكومة الوحدة عرقلة مليشيات حفتر للعملية الانتخابية.

ولم تنسحب مليشيات حفتر إلا بعد انتهاء الآجال القانونية للطعن، ومع ذلك انعقدت المحكمة وأصدرت حكما بقبول الطعن، ما أعاد سيف الإسلام القذافي "مؤقتا" إلى السباق الرئاسي.

فبحسب عبد الباسط الحداد، المحامي المعتمد لدى المحكمة العليا، فإن حكم محكمة سبها ابتدائي وليس نهائيا، وقابل للاستئناف من مفوضية الانتخابات خلال 72 ساعة من تاريخ صدور الحكم.

ويتوقع الحداد، أن تصدر محكمة الاستئناف حكما ببطلان الحكم بصدوره بعد الميعاد المحدد وفق الجدول الزمني الموضوع.

ولو أنه أقرّ "بوجود قوة قاهرة يمتد به الميعاد" يمكن ان تأخذ محكمة الاستئناف به أو ترفضه.

ولكن السبب الرئيسي بالنسبة للحداد، أن سيف الإسلام محكوم عليه غيابيا بالإعدام من محكمة طرابلس (2015)، وهذا الحكم يحرمه من الحقوق المدنية مدى الحياة إلى غاية تنفيذ الحكم، وأولها حرمانه من المشاركة السياسية كمترشح أو كناخب.

إلا أن محكمة الاستئناف بسبها رفضت الطعن الذي تقدمت به مفوضية الانتخابات، وبذلك أصبح سيف الإسلام مرشحا رسميا للانتخابات، ما أثار رفض عدة أطراف سواء في الغرب الليبي أو من أنصار حفتر في الشرق.

الرئاسيات قد تقلب معادلة التحالفات

ومشاركة سيف الإسلام القذافي في الانتخابات من شأنه أن يعيد رسم خارطة التحالفات الليبي ويقلبها رأسا على عقب.

فالقذافي الابن تُرشحه عدة استطلاعات رأي، يصعب الاستوثاق منها، بأن يكون لاعبا رئيسيا في الانتخابات المقبلة، ما قد يدفع حفتر للتحالف مع أحد مرشحي المنطقة الغربية على غرار الدبيبة أو فتحي باشاغا، إذا صعد أحدهما إلى الدور الثاني في مواجهة القذافي الابن.

فمنذ 2014، تحالف أنصار القذافي مع حفتر، وانخرطت بقايا الكتائب الأمنية للنظام السابق ضمن مليشيات حفتر، وقاتلت إلى جانبه في معركة طرابلس وقبلها في القواعد الجوية ببراك الشاطئ والجفرة وتمنهنت بالجنوب.

لكن ترشح سيف الإسلام للانتخابات الرئاسية ومحاولة حفتر قطع الطريق عليه، ومنعه من الطعن في قرار استبعاده من السباق الرئاسي، أحدث شرخا بين الطرفين يصعب جبره.

لذلك إذا تمكن كل من حفتر وسيف الإسلام من تجاوز مرحلة الطعون، وصعد الأخير إلى الدور الثاني من الرئاسيات فقد نشهد تحالفات غريبة وغير منطقية، على غرار ترشح باشاغا، مع عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب المتحالف مع حفتر في قائمة واحدة، خلال انتخابات أعضاء المجلس الرئاسي ورئيس حكومة الوحدة على مستوى ملتقى الحوار.

إلا أن هناك من يرفض تماما تقبل فكرة وصول القذافي الابن أو حفتر إلى كرسي الرئاسة بعد كل تلك الجرائم التي ارتكباها، ولو عبر صناديق الاقتراع.

غير أن المعسكر الرافض لحفتر مقسم على عدد كبير من المرشحين، فمصراتة، التي تعتبر ثالث أكبر مدينة في ليبيا من حيث عدد السكان، خرج منها ثلاثة مرشحين كبار؛ الدبيبة وباشاغا، وأحمد معيتيق، نائب رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق.

بينما طرف آخر بقيادة خالد المشري، رئيس المجلس الأعلى للدولة (نيابي استشاري)، يدعو إلى مقاطعة الانتخابات، نظرا لعدم إجرائها على أسس صحيحة، ويطالب بإجراء الانتخابات البرلمانية أولا، ثم الاستفتاء على الدستور، وأخيرا تنظيم الانتخابات الرئاسية، وهو ما ترفضه رئاسة مجلس النواب.

انتخابات ملغمة

فالوضع الليبي معقد وملغم ومفتوح على عدة سيناريوهات صعبة قبيل إجراء الانتخابات، وهذا ما دفع الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، للقول إن المنظمة الأممية "تريد أن تكون الانتخابات في ليبيا جزءًا من الحلّ وليس جزءًا من المشكلة".

بينما اعتبر رئيس مجلس الأمن الدولي، مندوب النيجر الدائم لدى الأمم المتحدة، عبده عباري، أن "الظروف ليست مواتية لإجراء انتخابات إيجابية".

في حين خلص رئيس مجلس الدولة، إلى أن انتخابات 24 كانون الأول/ ديسمبر "لن تصل إلى محطتها الأخيرة.. وهي القبول والتسليم".

وهذه التصريحات المتشائمة، لها ما يبررها على الأرض، إذ اشتكت مفوضية الانتخابات من تعرض 5 مراكز تابعة لها لسطو مسلح واختطاف موظف في كل من طرابلس، ومدينة العزيزية (45 كلم جنوب طرابلس).

وخروج مفوضية الانتخابات بالقائمة النهائية للمرشحين، الإثنين أو الثلاثاء، وردود فعل الأطراف المؤثرة على الأرض، سيقدم ملامح المشهد السياسي لمرحلة ما قبل صدور النتائج.

اقرأ/ي أيضًا | قانون انتخاب مجلس النواب الليبي: الحيثيات، والمقاصد، والتداعيات

لأن استبعاد حفتر أو سيف الإسلام أو الدبيبة، سيدفع أنصار المرشح المتضرر والجهات الدولية الداعمة له إلى العمل على إسقاط العملية الانتخابية بالكامل.

وكالات

Share

أخبار موريتانيا

أنباء دولية

ثقافة وفن

منوعات وطرائف