والسعي في قضاء حوائج الناس هو جزء من التعاون الاقتصادي الذي بوجوده ينتعش المجتمع، لأن وجود إنسان محتاج سيكون عالة على الاقتصاد وسيؤدي إلى انهيار الحياة الاقتصادية المرفهة.
قال الكاظم(عليه السلام): (من أتاه أخاه المؤمن في حاجة فإنما هي رحمة من الله ساقها إليه، فإن فعل ذلك فقد وصله بولايتنا وهي موصولة بولاية الله عز وجل، وإن رده فقد ظلم نفسه وأساء إليها).])
لماذا ظلم نفسه وأساء إليها، لأن وجود إنسان محتاج يشكل ثغرة اجتماعية واقتصادية سيكون لها آثارا وخيمة على اقتصاديات المجتمع وبالتالي سيقع تأثيرها على جميع أبناء المجتمع بما فيه الشخص الغني، لأن وجود محتاج بلا سيولة نقدية يعني الجمود الاقتصادي بينما وجود السيولة بيد المحتاج سيحقق حركة في السوق بالتبادل السلعي.
فهؤلاء الذين يسعون في قضاء حوائج الناس بتقديم المال لهم سواء عن طريق الهدية أو الصدقة أو القرض سيُساهموا في بناء الحياة الاقتصادية المرفهة: (وإن لله عباداً في الأرض – كما يقول الإمام الكاظم(عليه السلام) – يسعون في حوائج الناس هم الآمنون يوم القيامة.
لاشك ان النظام السياسي القائم على مشاركة أكبر شريحة من أبناء الوطن له دوره المباشر في تنمية الأمن الاجتماعي.
فالنظام الذي يقوم على اختيار الأكثرية المطلقة من أبناء الشعب هو الذي يرى مصالح هذه الأكثرية ويوفر مستلزمات سعادتها ورقيها، وهذا النظام أقرب للاستقرار من بقية الانظمة لما يحظى من تأييد شعبي من قطاعات المجتمع، ولما هو موجود من تماسك بين الحكومة والشعب.
فالحكومة تؤدي دورها الحافظ لكيان المجتمع، والمحامي المدافع عن حقوق أبناء الوطن، وهي في طريقها لتحقيق أهدافها تسعى جاهدة إلى التجاوب مع أماني الشعب وتطلعاته وتجسيد أهدافه في الحياة الكريمة وتوفير الحماية الكامله له ولعائلته.
في الوقت نفسه يشعر الفرد المواطن أنه يعيش تحت ظل نظام يسهر على راحته ويُحقق رغباته المشروعة ويمضي قدما في بناء الوطن على أسس رصينة منطلقاً من منافع الشعب لا منافع طائفة أو حزب أو فئة.
وعلى هذه الأسس من العلاقة القوية بين الشعب والدولة يقوم نظام الحقوق والواجبات، فالشعب حقوق وواجبات، حقوقه أن يحظى بحماية الدولة ويتساوى أبنائه، وأن تتوفر له الحرية الكافية لينطلق في اداء واجباته، وهي مساهمة لبناء الوطن من خلال العمل الذي يقوم به سواء في الزراعة أو الصناعة أو الوظيفة، أو أي عمل آخر يقوم به.
يذهب إلى عمله بقلب مطمئن،و نفس راضية تحت غطاء من الحماية والأمن وهذا ما نلاحظه في الحكومات الديمقراطية التي تقوم على مبدأ المشاركة أما الحكومات الإستبدادية التي لايشعر فيها المواطن بأية قيمة إنسانية فلا وجود للآثار التي ذكرناها، لا وجود للحرية الكفيلة ولا وجود للمساواة والعدالة اللتان تشعران الإنسان بأنه محمي من قبل القانون، ولا وجود للعلاقات المتينة بين السلطة والشعب القائمة على مبدأ الحقوق والواجبات، والنتيجة الحاسمة لهذا النظام انعدام الثقة بين الشعب والدولة وانتشار الخوف؛ الخوف من السلطات، الخوف من المستقبل، الخوف على مصير الأبناء.
وحصيلة كل ذلك ينعكس على فقدان الأمن الاجتماعي. لذا كان لابد من أخذ مبدأ المشاركة الشعبية في بناء النظام السياسي كمقوم أساسي من مقومات الأمن الاجتماعي... يتبع
بقلم: عمر دغوغي الإدريسي مدير مكتب صنعاء نيوز بالمملكة المغربية