انتهت مرحلة الانتخابات وبمشاركة 9 ملايين و077 ألفا و779ناخبا، وبنسبة مشاركة بلغت 41% بالاستناد إلى سجل الانتخابات وبحسب الإحصائيات التي أعلنتها المفوضية العليا للانتخابات، وها نحن اليوم نبدأ مرحلة جديدة وهي انعقاد أول جلسة للبرلمان، والتصويت على رئيس البرلمان ومن ثم يصار إلى التصويت على رئيس الجمهورية، والذي بدوره سيكلف صاحب الكتلة الأكبر في تشكيل الحكومة القادمة ؟!
وهنا ننقل تساؤل الشارع يا ترى من هي الكتلة الأكبر؟ وهل هي الكتلة التي حصلت على أعلى الأصوات أم الكتلة التي تحصل على أكبر عدد من النواب؟
أذا قلنا إن الكتلة الأكبر هي التي تحصل على أكبر عدد من الأصوات فمن حق الأطار التنسيقي اليوم تشكيل الحكومة، لأنها حصلت على أعلى الأصوات بعدد مقاعد 88 مقعداً أو أقل، وهنا نثير تساؤلنا أذن لماذا لا يسعى التيار الصدري لتشكيل الحكومة منفرداً دون التحالف مع أي مكون من مكونات " الإطار التنسيقي " الذي ولد بلا مباني ؟!
اليوم وبعد أن اتضحت النتائج الأولية للانتخابات البرلمانية، كَثُر الحِراك السياسي للكُتل الفائزة في الانتخابات، وعُقدت العديد من الحوارات وربما وصل بعضها إلى التفاوض، من أجل تشكيل التحالفات القادمة، التي يتم من خلالها، الوصول إلى اتفاقات سياسية تقود إلى تشكيل الحكومة المقبلة، وتوزيع المناصب الرئاسية الثلاثة (رئيس مجلس النواب، رئيس الجمهورية، رئيس الوزراء)، والتي متى ما تم الاتفاق عليها، ستظهر الملامح الرئيسية للحكومة القادمة، ومن سيكون رئيسها. ولكن هناك تساؤل يٌفرض علينا الإجابة عنه حول شكل الحكومة المقبلة، هل ستكون حكومة استحقاق انتخابي فعلاً، تشكل من قبل الكتلة الفائزة بأغلب الأصوات، أو من قبل الكتلة الحاصلة على أكثر عدداً من الأصوات أو المقاعد بعد الائتلاف فيما بينها، أم أن الحال سيبقى على ما كان عليه في ظل الحكومة السابقة، فيكون تشكيل الحكومة الجديدة محكوماً بالتوافقات السياسية، بعيداً عن الاستحقاقات الانتخابية، فنكون أمام حكومة توافقية؟ أم أن الحكومة المقبلة ستذهب نحو الأغلبية السياسية والتي دعى اليها الإطار التنسيقي.
إن الإجابة على هذا التساؤل يحتاج، إلى استقراء الساحة السياسية، خصوصاً مع التقارب الكبير في الأصوات بين الائتلافين اللذان يشكلان الكتلة الشيعية الاكبر.
طُرح مفهومان في الآونة الأخيرة، مفهوم " الأغلبية السياسية " الذي يعد الإطار التنسيقي من المتبنين لهذا المفهوم، كما طرح مفهوم آخر هو مفهوم " شراكة الفائزين " والذي قاده ودعى إليه السيد مقتدى الصدر وفريقه، والمفهومان صحيحان، ويمكن أن ينفذا، ولكن في كل واحد منهما الإيجاب والسلب.
الاطار التنسيقي في الأغلبية السياسية التي يدعو لها يسعى إلى شراكة المكونات ، فهو يسعى من خلال هذه الأغلبية كسب جميع المكونات وإشراكها، وهذا الشي فيه من الايجابيات الشيء الكبير ، لان الحكومة القادمة ستكون محكومة بالتوافقات ؟! ، كما أن هؤلاء الشركاء سيكون لهم شروط للشراكة وتحقيق الأغلبية ،ولكن الشيء الايجابي في الأمر أن هذه الشخصيات كثيرة في العملية السياسية ، واغلبهم يسعى إلى أن يكون له مكان في هذه "الطبخة" مما يؤدي إلى الإسراع في هذه الأغلبية وتشكيلها ، كما أن البعض الآخر يسعى الإبقاء على مركزه في السلطة لهذا سيقدم التنازلات من أجل الامتيازات والسيارات المصفحة والحمايات والنثريات وغيرها من امتيازات قدمت في تشكيل الحكومة السابقة .
المفهوم الآخر الذي تبناه الاطار التنسيقي أنطلق أبعد من ذلك بكثير ، وبالعدد الذي يملكه اليوم والذي يقارب (88) نائباً، يمكن له أن يسير نحو تشكيل الحكومة وتقديم مرشح الأطار إلى الفضاء الوطني ، خصوصاً وان مرشحيه لا " فيتو " عليهم ، أي انهم مقبولين داخلياً من جميع الكتل ، وإقليميا وربما دولياً ، ولكن بنظرة تحليلية إلى موقف الأطار التنسيقي من خلال المشاروات واللقاءات سعيهم وحرصهم إلى بناء الكتلة الأكبر في داخل البرلمان، وإعادة بناء النظام الداخلي ليكون مؤسسة قادرة على النهوض بالواقع المزري الذي يعيشه الشعب العراقي .
الجانب الآخر أن المكونات الأخرى والتي تمثل الطيف العراقي جميعاً ، تسعى إلى لملمة صفوفها ، وتشكيل حكومة قادرة على النهوض على الأقل بواقع ناخبيها ومناطقها ومدنها ، وعلينا الاعتراف أن العراق لا يمكن أن يقاد من طرف واحد ما لن تشترك به كل الأطراف ، كما أن الواقع السياسي اليوم يفرض علينا هذه الوجوه لأنها تمثل طيفها ولونها ، فالشيعة هؤلاء ممثليهم ، وكذلك السنة لهم من يمثلهم وكسب ثقتهم ، ناهيك عن الأكراد الذين احكموا سيطرتهم على الوضع السياسي ، وأصبحوا رقماً في المعادلة السياسية .
يبقى على الشركاء جميعاً قراءة الواقع السياسي جيداً، والسعي بجدية عالية من أجل حلحلة مواقفهم المتصلبة تجاه تشكيل الحكومة القادمة ، والسعي نحو الكتلة الاكبر وتكون هي صاحبة القرار الفصل في المرشح لرئاسة الوزراء، والانطلاق نحو بناء عراقاً جديداً نراه يقيناً وليس فرضيات ونظريات أحرقت المليارات بلا واقع.
محمد حسن الساعدي