أظهرت نتائج دراسة نشرت في مجلة "The New England Journal of Medicine"، الأربعاء، أنّ دواءً جديدًا مضادًا للفيروس المخلوي التنفسي آمن، ويقلّل من مستوى تكاثر الفيروس والأعراض بشكل ملحوظ، مقارنة مع العلاج الوهمي.
وتعد هذه الدراسة غير معتادة، لأنها تستند إلى تجربة تحدٍ بشري تألفت من جزأين. تعرّض خلالها الأشخاص إلى مسبّبات المرض عمدًا كي يتم اختبار العلاج الجديد.
وتعمل دراسات التحدي على تسريع البحث لأنّ العلماء لن ينتظروا إصابة المشاركين بالدراسة في العالم الحقيقي. كما يمكنهم إشراك عدد أقل من الأشخاص بها، مع العلم المسبق أنّ المشاركين سيصابون حتمًا بالجرثومة. لكنّ هذه الدراسة محفوفة أيضًا بالمخاطر، ولا تُعتبر أخلاقية إلا عندما يُعتقد أنّ الحاجة إلى علاج أو علاج جديد يفوق المخاطر المحتملة التي يتعرّض لها المشاركون بها.
فيروس شتوي يُغرق أطباء الأطفال
ويسبب الفيروس المخلوي التنفسي أعراضاً شبيهة بالبرد لملايين البالغين والأطفال في الولايات المتحدة سنويًا. وفي حالات المرض الشديد، يمكن أن تتمدّد العدوى لتطال الرئتين السفليتين، ما يتسبّب بالالتهاب الرئوي، والتهاب في الممرات الهوائية الصغيرة العميقة في الرئتين.
وقالت الدكتورة جيل فوستر، اختصاصية الأمراض المعدية للأطفال في جامعة مينيسوتا: "كأطباء أطفال، نتخوّف من الفيروس المخلوي التنفسي، بدءًا من شهر نوفمبر/تشرين الثاني حتى مارس/ آذار.. نحن نعلم أنّ هذا المرض سيرهقنا".
ووسط تفشي فيروس كورونا المستجد، اختفى الفيروس المخلوي التنفسي تقريبًا عام 2020، لأنّ الناس بقيت في منازلهم وارتدوا كماماتهم.
وعاد الفيروس للظهور مرة أخرى أوائل عام 2021، عند رفع القيود في أجزاء كثيرة من البلاد.
وفي تجارب التحدي، استخدم الباحثون سلالة أكثر اعتدالًا من الفيروس المخلوي التنفسي، تُعرف بـMemphis 37، وثبت أنّها تشفى من تلقاء نفسها في البشر بعد حوالي أسبوعين.
وقال علاء أحمد، المشرف على الدراسة لصالح شكرة تطوير الأدوية "Enanta Pharmaceuticals": "كل شيء خاضع للسيطرة بشكل جيد للغاية".
ويعمل العقار الجديد، المعروف باسم EDP-938، على منع تكاثر الفيروس في الجسم. ويمكن أن يؤخذ كسائل أو حبوب.
وضمت الدراسة أشخاصًا بالغين أصحاء تتراوح أعمارهم بين 18 و55 عامًا، ولديهم معدلات منخفضة جدًا من الأجسام المضادة للفيروس المخلوي التنفسي في دمائهم، ربما آثار عدوى سابقة.
وفي الدراسة التجريبية، أصيب هؤلاء الأشخاص بسلالة Memphis 37 من الفيروس، ثم وضعوا في الحجر الصحي لمدة 12 يومًا، حتى جاءت نتيجة الاختبار سلبية.
وشارك 115 شخصا في الجزء الأول من الدراسة، و63 شخصًا في الجزء الثاني. وبعدما تأكد الباحثون من انتشار الفيروس من خلال مسحة الأنف، بدأوا بإعطاء جرعة من الدواء أو الدواء الوهمي للمرضى.
وأتت الآثار الجانبية خفيفة في الغالب.
وكان الأشخاص الذين يتناولون الدواء أكثر عرضة للإصابة بالصداع والدوخة والإسهال، مقارنة مع أولئك الذين أُعطيوا دواءً وهميًا.
وتقول فوستر، غير المشاركة في البحث والتي راجعت الدراسة، إن العقار الجديد يبدو واعدًا ، لكن لديها أسئلة، مثل: "هل هو فعّال على حديثي الولادة المصابين بفيروس RSV"؟
ونظرًا إلى أن الأطفال لديهم مجاري هوائية صغيرة، فإنها الفئة الأكثر عرضةً للإصابة بعدوى الفيروس المخلوي التنفسي.
لكن، من الصعب اختبار عقاقير جديدة على المولودين الجدد لأن مجالس المراجعة المؤسسية، أي المجموعات التي تعطي الضوء الأخضر للتجارب السريرية، لا تسمح عادةً للباحثين بإشراك هذه الفئة العمرية في التجارب.
كما ترغب فوستر في معرفة إذا كان العقار سينجح في العالم الحقيقي أيضًا.
ومعلوم أن الأدوية المضادة للفيروسات أكثر فعالية إذا أُخذت في وقت مبكر من الإصابة.
وفي تجربة التحدي، لم يكن هناك أي تخمين بشأن موعد إعطاء الدواء لأنّ العلماء كانوا يراقبون الأشخاص عن كثب بحثًا عن علامات العدوى.
في العالم الحقيقي، قد يكون الناس أبطأ بالتعرف على أعراض المرض وإجراء الاختبار في مرحلة متقدمة منه.
وهناك بعض الأدلة على أن الأطفال الذين يصابون بعدوى الفيروس المخلوي التنفسي قد يكونون أكثر عرضة للإصابة بالربو في وقت لاحق من حياتهم.
من هذا المنطلق، تقول فوستر إنها ترى أنّ هذا الدواء الجديد قد يحدث فرقًا كبيرًا إذا كان الأطفال الذين عولجوا به أقل عرضة للإصابة بالربو مستقبلًا.
واستنادًا إلى هذه النتائج المبكرة الواعدة، تقول شركة Enanta إنها قد بدأت بالفعل في المرحلة التالية من اختبارها السريري لدواء EDP-938.
وسيختبرون في هذه المرحلة العقار على الأشخاص الذين يصابون بالفيروس بأنفسهم.
ونظرًا إلى أن الولايات المتحدة شهدت مثل هذا الموسم السيئ من الفيروس المخلوي التنفسي العام الماضي، فقد قالوا إنهم على وشك الانتهاء منه، وسيشاركون النتائج خلال الأشهر الثلاثة المقبلة.