عند النظر الى شعوب العالم نلاحظ اوجه التشابه والاختلاف بالرغم من اختلاف المجتمعات ودياناتهم وقومياتهم ، اذ نجد ان الشعوب المتحضرة تعتبر القتل جريمة يحاسب عليها القانون ، ونقصد هنا بالمتحضرة هي المجتمعات المدنية التي تقع ضمن حكم دولة ما.
نجد ان القتل ليس بالشيء العادي والسبب ان القانون قام بتجريم الفعل ، وعليه نستطيع ان نستنتج ان اخلاق المجتمعات تتأثر بالقانون المُنفذ في تلك الدول ، فعند سن اي قانون وتنفيذه لمدة 5 عقود سيظهر لنا جيل مؤمن ومقتنع ان هذا القانون حق من حقوق المواطن .
وعليه وعند دراسة قانون العقوبات العراقي وقانون الاحوال الشخصية وتبعاتها فبعد مرور اكثر من 5 عقود على سَنها وتنفيذها نجد ان المجتمع العراقي قد بدأ يقتنع بالكامل ان قتل النساء هو حق من حقوق الرجال ، وان اغتصاب النساء يمكن تجاوزه بعرض الزواج على الضحية ، وان زواج القاصرات هو امر طبيعي ولا يدخل في جانب الامراض النفسية والبيدوفيليا .
تسبب قانون العقوبات العراقي وقانون الاحوال الشخصية اللائي تم سَنهما في ستينات العقد المنصرم بكوارث تربوية واضرار اخلاقية لا حصر لها ، فهو قد مسخ الاخلاق الفاضلة بأخلاق العصور الوسطى ، فهو يبيح قتل النساء لمجرد كونها من المحارم ولم يقم بتحديد اي محارم ، دائمية ام مؤقتة ، وهو يسقط التهم عن المغتصب في حالة زواجه من ضحيته ويجيز للام قتل رضيعها حديث الولادة درءاً للعار !
وردت كلمة العار والشرف في عدة مواضع من القانون العراقي ، قام القانون للاسف بغرس مفاهيم العشائر والبادية في عقول المجتمع بدلا من غرس القيم الاخلاقية .
انتهكت القوانين العراقية حرمة النساء والاطفال كما انتهكت المواثيق والمعاهدات الدولية التي وقعها العراق وانتجت لنا اجيال من الوحوش القاسية المعنفة والمريضة نفسياً ، ليتربع كثير من اولئك الوحوش على عرش المسؤولية في مراكز التشريع والقضاء ليحاولوا سن قوانين اخرى تنتهك ما تبقى من حقوق المرأة والطفل المسحوقين اساساً امثال قانون سلب حضانة الام المطلقة والارملة لاطفالها !
فبدل من ان يحاول المشرع العراقي سن قانون العنف الاسري وبدل ان يوقف جرائم اللاشرف يحاول تحطيم ما تبقى من كرامة الحلقة الاضعف في المجتمع عبر اجبار المرأة وابتزازها باطفالها ان تبقى متزوجة معنفة او تخسر اولادها !
يتبجح كثيرون بأن قوانين الاحوال الشخصية تنصف المرأة لكونها تملك حق المهر والمؤخر وحق اثاث الزوجية في حين ان القانون قد وفر طرق لها اول وليس لها آخر لاسقاط هذه الحقوق عبر قضية واحدة تسمى بيت الطاعة ! ولكون المرأة لا تملك حق الطلاق بل حق التفريق الذي يتم رده من القاضي في معظم الاحوال لان المرأة عاطفية ولا تستطيع ان تتخذ قراراتها بعقلانية ، تتعرض المرأة لاسقاط جميع الحقوق المُتبجح بها برمشة عين ! فهي ترغب بالطلاق ولا تستطيع الحصول عليه فترضى بقضية الطاعة مقابل خسارة تعب العمر والخروج من الزواج افقر من الدخول اليه مع مسؤوليات الاطفال المادية الاضافية .
يذكر ان القوانين الاوربية للزواج والطلاق تعطي الطرف الافقر نصف الممتلكات المكتسبة خلال فترة الزواج للطرف الاغنى بعد الطلاق وذلك لاقتناعهم ان الثنائي قد ساهم بطريقة معينة في هذه الاملاك ، فالرجل الذي يعمل 10 ساعات يومياً 6 ايام في الاسبوع واشترى منزل الاسرة لن يستطيع العمل وشراء منزل بدون امرأة تعتني بكل تفاصيل حياته على مدار اليوم والأسبوع والشهر والسنة ، قامت القوانين الاوربية بغرس مفهوم الشراكة الاسرية عن طريق قوانينها بينما قام المشرع العراقي بغرس مفهوم السيد والعَبد في المجتمع العراقي .
عززت القوانين التمييز الجندري وأسست لأجيال لا ترى من المرأة غير وعاء جنسي لإنجاب الأطفال والمتعة ، حللت قتلهن واغتصابهن وتعنيفهن ، واذا استمرت القوانين بوضعها الحالي فإن وجدنا الآن من يساند قضية المرأة فلن نجد بعد 5 عقود اخرى غير المسوخ المتوحشة .
ايناس الربيعي