إليكم السيرة الذاتية وأبرز محطات الشاعر العراقي الكبير الراحل مظفر النواب والذي توفي اليوم الجمعة في الإمارات بعد صراع مع المرض، ليترجل بذلك أحد أشهر شعراء العراق في العصر الحديث عن صهوة الشعر.
*ولادته وبداياته
مظفر عبد المجيد النوّاب، هو شاعر عراقي معاصر ومعارض سياسي بارز وناقد، تعرّض للملاحقة وسجن في العراق، عاش بعدها في عدة عواصم منها بيروت ودمشق ومدن أوربية أخرى، وصف بأنه «أحد أشهر شعراء العراق في العصر الحديث».
ولد النواب في بغداد عام 1934 لعائلة شيعية أرستقراطية من أصل هندي، ينتمي النواب بأصوله القديمة إلى عائلة النواب التي ينتهي نسبها إلى الإمام موسى الكاظم، خلال ترحال أحد أجداده في الهند أصبح حاكمًا لإحدى الولايات فيها، حيث قاوم الإنكليز لدى احتلالهم للهند فنفي أفراد العائلة، خارج الهند فاختاروا العراق.
*موهبته
أظهر مظفر النواب موهبته الشعرية منذ سن مبكرة، وأكمل دراسته الجامعية في جامعة بغداد وأصبح مدرسًا، لكنه طرد لأسباب سياسية عام 1955 وظل عاطلًا عن العمل لمدة ثلاث سنوات، في وقت صعب على أسرته التي كانت تعاني من ضائقة مالية.
تعود الشرارة الأولى لموهبة النّواب بإكمال بيت شعري أعطاه شطره الأوّل أحد أساتذته في المرحلة الدراسية الابتدائية، معتمدا على ما كان يحفظه من اختيارات جدّه في منزلهم من قصائد ومختارات أدبية، أهّلته رويدا رويدا لبناء عوامل بنائه الشعري، إلى أن بات ناظما للقصائد في المرحلة الثانوية، وناشرا لها في الدوريات والمجلات الجدارية المدرسيّة.
وتُعتبر قصيدة "قراءة في دفتر المطر" التي نظمها النواب عام 1969 أولى محطات الشهرة لديه، لينتقل بعدها إلى مساحة أوسع في عالم الشهرة عند الجمهور العربي بنظمه ملحمة شعرية حملت عنوان "وتريات ليلية" الّتي كُتبت خلال 1972-1975، مؤكدا فيها التزامه التامّ بقضايا العرب القومية السياسية والاجتماعية، وأصبح تغنيه بها سمة ظاهرة في شعره.
*حياته السياسية
التحق النواب بالحزب الشيوعي العراقي وهو لا يزال في الكلية، وتعرض للتعذيب على يد الحكومة الهاشمية، بعد الثورة العراقية عام 1958 التي أطاحت بالنظام الملكي، تم تعيينه مفتشًا في وزارة التربية والتعليم، وفي عام 1963، اضطر لمغادرة العراق إلى إيران المجاورة (الأهواز بالتحديد وعن طريق البصرة)، بعد اشتداد المنافسة بين القوميين والشيوعيين الذين تعرضوا للملاحقة والمراقبة الصارمة من قبل النظام الحاكم، تم اعتقاله وتعذيبه من قبل المباحث الإيرانية (السافاك) وهو في طريقه إلى روسيا، قبل إعادته قسرًا إلى الحكومة العراقية، أصدرت محكمة عراقية حكمًا بالإعدام بحقه بسبب إحدى قصائده، وخفف فيما بعد إلى السجن المؤبد، وفي سجنه الصحراوي واسمه نقرة السلمان القريب من الحدود السعودية - العراقية، أمضى وراء القضبان مدة من الزمن ثم نُقل إلى سجن (الحلة) الواقع جنوب بغداد.
هرب النواب من السجن بحفر نفق وبعد الهروب المثير من السجن توارى عن الأنظار في بغداد، وظل مختفيًا فيها ثم سافر إلى جنوب العراق وسكن (الأهوار)، وعاش مع الفلاحين والبسطاء حوالي سنة وانضم إلى فصيل شيوعي سعى إلى قلب نظام الحكم. وفي عام 1969 صدر بيان العفو عن المعارضين فرجع إلى سلك التعليم مرة ثانية فشغل منصب مدرس في إحدى المدارس. ثم غادر بغداد إلى بيروت في البداية، وبعدها انتقل إلى دمشق، وظل يسافر بين العواصم العربية والأوروبية، واستقر بهِ المقام أخيرًا في دمشق ثم بيروت. كما تعرض النواب لمحاولة اغتيال في اليونان في العام 1981.
*بمَ أشتهرت قصائد النواب؟
اشتهر النواب بقصائده الثورية القوية والنداءات اللاذعة ضد الطغاة العرب، عاش في المنفى في العديد من البلدان، بما في ذلك سوريا ومصر ولبنان وإريتريا، حيث أقام مع المتمردين الإريتريين، قبل أن يعود إلى العراق في عام 2011. قبل عودته إلى العراق، كان عديم الجنسية ولم يكن قادرًا على السفر سوى بوثائق السفر الليبية (إذ كان قد حل على العقيد معمر القذافي كشاعر كبير، وأقام في ليبيا لسنوات، واتخذ من جواز سفرها هوية رسمية). صدرت أول طبعة كاملة باللغة العربية لأعماله في لندن عام 1996 عن دار قنبر.
*أبرز أقوال مظفر النواب
- لا نشرب الخمر فنحن نسكر من مشاكلنا.
- ويسألني من انت..؟ خجلت أقول له .. قاومت الإستعمار فشردني وطني.
- سيدتي صار لنا أكثر من مقبرة في الغربة والسُلطةمن أفضال الله عليناباقية والحزن جميل
- سنصبح نحن يهود التاريخ ونعوي في الصحراء بلا مأوى.
- كل الذين رحلت على مائهم خذلوا قاربي.
- ﻣﺎﺫﺍ ﺳﻴﺤﺼﻞ ﻟﻮ ﺗﺤﻮﻟﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﺑﻼﺩ ؟ ﺃﻧﺎ ﺑﻐﺪﺍﺩٌ ﻭﺃﻧﺖَ ﺍﻟﻘُﺪﺱ ، ﻳﻤﻴﻞُ ﺭﺃﺳﻲ ﻋﻠﻰ ﻛﺘﻔﻚ ﻗﻠﻴﻼ ﻓﺘُﺰﻫﺮ ﺩِﻣﺸﻖ ﻭﻳﺴﺘﻘﻴﻢَ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ.
- بسواد الليْل تتلملم حمامات الحزْن بيّة ومصابيح المَدِينة تموت.
- غرباء تعبوا من هذه الدنيا والموت تأخر.
- اغفروا لي حزني وخمري وغضبي وكلماتي القاسية .. بعضكم سيقول بذيئة , لا بأس أروني موقفا أكثر بذاءة مما نحن فيه.
- وماذا بعد ؟ سِرت في اتجاهك العمر كله ، وحين وصلتك انتهى العمر.
- أحبك رغم الحرائق والنهب ، والقمع ، والقهر ،والسلطات السخيفة.
- أعرف أن الكلمة مخيفة , ولكن الصمت تتجمع فيه الوساخات.
- القدس عروس عروبتكم.
- جئتك من كل منافي العمر , أنام على نفسي من تعبي.
- تحملت يا وطني و ليالي المنافي قبور وكل نهار كفن.
- الحب هو أن لا تفهم شيئاً.