ولد "محمد ياسر" عبد الرؤوف عرفات القدوة الذي إشتهر لاحقاً بإسم ياسر عرفات في القدس يوم الرابع من آب/ أغسطس 1929، ليكون ترتيبه السادس في أسرة الأب عبد الرؤوف داوود عرفات القدوة، والأم زهوة سليم خليل أبو السعود، وذلك في منزل العائلة في الزاوية الفخرية في الجهة الجنوبية الغربية من الحرم القدسي الشريف.
نشأ ياسر عرفات في أجواء أسرية حميمة برعاية والده الذي كان يعمل في مجال التجارة متنقلاً بين القدس وغزة والقاهرة وعاش ابو عمار طفولته في بعد ثورة "البراق" 1929، لتشهد القدس إرهاصات وبدايات ثورة 1936، ونشأ في وسط القلاع والمناضلين الوطنيين، الأمر الذي أثر عليه كثيراً، حتى أن معظم ألعابه في ذلك الوقت كانت تشتمل على بنادق خشبية وتمثيلا لجنود وضباط، كما قال شقيقه فتحي، الذي يضيف أن ياسر كان يقول له "تعال نلعب لعبة تحرير فلسطين" وفي القدس تفتحت عيناه على هذه المدينة المقدسة التي تعبق بالتاريخ والحضارة في كل مكان فيها فكان صاحب مقولة لا يكتمل حلمي الا بك يا قدس، على القدس رايحين شهداء بالملاين .
وتمضي السنوات وتبقى ذكرى رحيل الرئيس الشهيد ياسر عرفات حاضرة في الوجدان الجمعي للشعب الفلسطيني، فهذا التاريخ لن ولم تمحوه السنيين وسيبقى خالدا حتى الابد والى الابد، والشعب العربي الفلسطيني يقف صفا واحدا بمختلف توجهاته السياسية وبعد مرور 18 عاما على غيابه لا زالت ذكرى رحيله خالدة في قلوب شعب فلسطين وسيبقى نبراسا تسترشد منه الاجيال القادمة وفي ذكرى رحيله يجدد الشعب الفلسطيني الذي خرج في قطاع غزة والضفة الغربية وأينما تواجد العهد ليجدد العهد متمسكا بحقوقه الوطنية وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة والقدس عاصمتها .
اعتقدوا أن الصغار سينسون تاريخهم، واعتقدوا أنهم سيزورن التاريخ، وسيغيرون معالم الخارطة، ولكن كانت الحقيقة اكبر من معتقداتهم وأفكارهم، وها هم ابنائك سيدي الرئيس يحملون امانتك ويحافظون على مفتاح العودة وينقشون خريطة فلسطين في وجدانهم يتواصل العطاء ليكتب اسم فلسطين ويرسم شعبنا ملامح الدولة والانتصار .
ياسر عرفات لا يزال حاضرا ويرسم ملامح المستقبل الفلسطيني وسيبقى الشعب الفلسطيني ملح الأرض، التي جبلت بدماء أبنائه وأبناء الوطن العربي، سيبقى الياسر حاضرا في كل الأماكن والساحات ولذلك يجب ان تتوحد كل الجهود الفلسطينية ويتم العمل على طي ملف الانقسام الفلسطيني، والتفرغ إلى مواجهة التحديات الراهنة والمؤامرات التي تحاك من كل الجهات ويجب الوقوف صفا واحدا في وجه الممارسات الإسرائيلية الرامية إلى تغييب الهوية الفلسطينية .
ياسر الامل والحياة والحب والمنفي والعودة وغصن الزيتون والبندقية والطلقة الاولي وأزيز الرصاص في بيروت وملامح الثورة في غزة وبقايا الحلم القادم بالضفة، عندما تتلمسه واقعا وتفكر في بقايا الفكرة تجد معاني الياسر تكتمل امامك لتقول اليوم سأبدأ من جديد وان الياسر لم يرحل وانه باقي فينا ويعيش معنا فتواجه الحقيقة بالحقائق، كم نفتقده موحدا ثائرا قائدا ومعلما، فتكون رسالته لنا ووصيته الباقية طالما بقينا، انها فلسطين الدولة والحكاية وتراجيديا الفكرة المنتصرة .
ياسر عرفات حكاية الفلسطيني والذاكرة الحية للأجيال الذي كتب قصة عيلبون من اجل فلسطين التاريخ الذي يتوارثه شعبنا جيلا وراء جيل، ما اروعك فلسطين وأنت تقدمي الشهداء جيلا وراء جيل، ما اروعك فلسطين وأنت ترتسمي علي شفاه اطفال لم يروك بعد .
بقلم : سري القدوة
سفير الاعلام العربي في فلسطين
رئيس تحرير جريدة الصباح الفلسطينية