من تابع ويتابع الضغوط الأميركية/الغربية حيال إنهاء الأزمة اليمنية ومعها الابتعاد الاماراتي المستمرّ عن السياسة السعودية تجاه(العاصفة) والذي تجسّد بموافقة أبوظبي منفردة – قبل الرياض – على خطة إسماعيل ولد الشيخ، وما افضت إليه المشاورات الإماراتية العمانية الأميركية أخيرا من إعلان إتفاق مبادىء لحل الأزمة، صدربداية عن وزيرالخارجية الأميركي جون كيري الاثنين الفائت واعقبه بيان للخارجية العمانية وتصريح لوزيرها يوسف بن علوي أكدا على ذلك، واشارأيضا إلى نقاط رئيسة تضمنها.
من تابع كل هذه التطورات والجهود سيدرك أولا: حقيقة التحوّلات العميقة في السياسة الدولية لدى دول المركز(الغرب) حيال عديد من الملفات، ومنها الملف اليمني، هذا من جانب، ومن جانب آخرالتحولات الأعمق في المنطقة العربية.
ثانيا: تأكيد ما كُنا نطرحه مرارا منذُ بداية العدوان السعودي، وهو أن هذا الأخير هو الطرف واللاعب الرئيس في الحرب والعدوان وأنه لن يُشرك ما تُسمى بحكومة هادي في أي إتفاق يوافق عليه لإنهاء الحرب والعدوان وتشكيل حكومة جديدة، تماما مثلما أنه لم يشركها في خطط العدوان وموعد انطلاقه، وهذه النقطة الأخيرة، سبق وأن أقرّها هادي بنفسه من خلال حوار تلفزيوني أجرته معه قناة اليمن الفضائية (نسخة المنفى) التي تبثُّ من المملكة.
ما تُسمى بالشرعية التي أتكأت عليها الرياض في العدوان وضغطت مع بريطانيا وغيرها من أجل استصدارقرار دولي رقم(2041) وُضِعت اليمن بموجبه تحت رحمة الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة وأعقب أيضا بقرار أقسى رقم(2216)، منح الرياض صكّ العدوان والحصار دون محاسبة، نتوقع أن تتحول هذه الأطراف من خانة الشرعية المشكوك فيها والمختلف حولها أصلا، إلى خانة التمرد المجمع حوله، بغض النظر عن وجود نوع من الحماية والدعم السعوديين للوحدات العسكرية والميليشيات التي تقاتل تحت هذه الراية.
رفض هادي من الرياض للاتفاق الأخير، رغم الموافقة السعودية الضمنية عليه، قد يكون من باب التكتيك وإستثمار عامل الوقت لتحقيق مكاسب على أرض الميدان، كما هو حاصل حاليا في عدد من جبهات القتال التي رمت فيها المملكة بكامل ثقلها وعلى رأسها شرق محافظة تعز وحرض و ميدي في محافظة حجة الحدودية، وكذا في جبهات خب والشعف والمصلوب والبقع في محافظتي الجوف وصعدة.
من يُراقب سيناريو الأحداث وتصريحات الخارجية الأميركية والعمانية وإعلاميين وسياسييين خليجيين ضف إليها جانب التحالف الوطني(صالح – الحوثي) وفي المقابل تصريحات الجانب الذي يمثل هادي وحلفائه المحليين يستشفّ أن في الأمر شيء، وأن هذا الأخيريعيش حالة إضطراب وبين خيارات يراه صعبة، أسهلها الانحناء أمام عاصفة التحولات، خاصة بعد الحديث الأخير لنائبه السابق ورئيس حكومته خالد بحاح الذي ادلى به لقناة الـ (بي بي سي) البريطانية، ومعروف عن السيد بحاح طبعا بأنه على علاقة وطيدة جدا بالقيادة والحكومة الإماراتية /أبرز حلفاء السعودية في الحرب على اليمن، كما أنه شخصية مقبولة إلى حد ما من معظم الأطراف، محلية إقليمية دولية بما فيها الأبرز(صالح – الحوثي).
المهم الأمر الذي لايحتاج إلى تأكيد هو أن السعودية قد صارت غارقة في مأزق ورمال اليمن وتريد مخرجا، لكنها ما تزال تُكابر من جانب، ومن جانب آخر متخوفة بالفعل من التمدد الإيراني، خاصة بعد التطورات التي حصلت وتحصل منذُ فترة في علاقاتها مع أميركا إبان إدارة أوباما، فما بالنا في ظل إدارة ترمب الذي وصف الممكلة خلال مهرجاناته الانتخابية بانها فقط بقرة حلوب، وقال فيها مالم يقله مالك في الخمر، وقد ينفذ ما قاله حيالها وستكون أحد أسلحته العقابية في هذا الشأن قانون جاستا.
الأيام القادمة حبلى بالمفاجآت والسياسة دائما فنُّ الممكن، متقلبة وليست ثابتة أبدا، فحليف اليوم، عدو الغد والعكس.. وبالتالي ما يدرينا قد تأتي الإدارة الأميركية الجديدة، وتطبق ما قاله سيد البيت الأبيض الذي قد يعامل المملكة السعودية وحلفاءها بصورة رسمية على أنهم مصدر خطر على الأمن العالمي، خاصة إذاما حدث بالفعل تناغم بين(ترمب – بوتين) ومشت واشنطن على خطى الاتفاق الذي ابرمته مؤخرا إدارة أوباما حول الأزمة اليمنية.
ختاما: نتمنى من الجميع إلتقاط أي فرص وجهود للحل وعدم الاستمرار في المقامرة والمغامرة بحياة اليمنيين، وتحويل القررات الأممية وما تُسمى بـ المرجعيات إلى وصفات لنشر الفوضى والإرهاب والمآسي.
رأي اليوم