يوسف السعدي
لا نبالغ أن قلنا أن واحدا من أهم أحداث العقد الحالي، هو قيام إيران بضرب قواعد عسكرية إسرائيلية، داخل الكيان نفسه ردا على ضرب الكيان لقنصليتها في سوريا.. وكان تصرفا أرعب الإسرائيليين، ولم تعطي لتهديدات بايدن ونتنياهو اذنا صاغية، وكل ترسانتها العسكرية لم تفعل شيء لإيقاف الرد الإيراني.
تصريحات نتنياهو إنهم هم أسقطوا 99% من الصواريخ والمسيرات الإيرانية كذب مفضوح، مع مشاهدة فيديوهات مسربة للقصف، نزلت النسبة لتصبح 84% ليعترفوا بعدها أنها وصلت لأهدافها، بتدمير القواعد العسكرية التي أقلعت منها الطائرة التي ضربت القنصلية في دمشق..
الضربة أهانت أميركا وأذلت إسرائيل، التي كانت أمام خيارين أولهما بأن ترد والثاني ان لاتفعل "وتحتفظ لنفسها بحق الرد في الزمان والمكان المناسبين" والذين كانت إيران تردده في بعض اعمليتا المجهولة ضدها، وكانوا يتهمونها حينها بالجبن، ولم ينتقدون سيدتهم الجبانة عندما استخدمته، لان امريكا خافت من ان أي رد اسرائيلي على ايران، سيؤدي لضرب القواعد الأمريكية في المنطقة بأسرها، وبالتالي تصبح حرب حقيقية، وهم تعلم يقينا بانه لن يصمدوا امام غارة ما لم تستمر لأكثر من ساعتين، كيف لو أندلعت حرب حقيقية!
إيران الدولة الإقليمية الكبيرة، التي جعلت المواجهة إسلامية مع العدو الإسرائيلي، أثبتت من خلال هذا الهجوم، أن إسرائيل غير قادرة على حماية نفسها مطلقا، وخصوصا مع إعلان بدأ الهجوم مسبقا، واستخدام مسيرة شاهد القديمة والبطيئة، في تحدي وشجاعة وثقة بالنفس، مما يركز نهاية التفوق العسكري الإسرائيلي.
عملية الوعد الصادق أنهى الردع الإسرائيلي، كما كان الهجوم الإيراني على عين الأسد، انتقاما أو ثأرا لاغتيال قادة النصر كسرا للردع الأمريكي، واسقاط هيبته، لان المسألة ليست بعدد الضحايا، وإنما بالتأثير النفسي الاستراتيجي، وتغيير المعادلات، وإسرائيل تعيش أسوء أيامها والعد التنازلي بنهايتها ومشروعها الصهيوني، وبشكل متسارع أقلق العالم الغربي، الذي فهم انه على أبواب مرحلة جديدة
الوعد الصادق حملت رسالتين، واحدة كانت للشعب الفلسطيني، بأنك لست وحدك، و الثانية كانت للعدو وحققت نجاحا، أفهمته أيضا بأن الساحة لم تعد مفتوحة، وإيران التي حافظت على سياسة الردع أو الصبر الاستراتيجي، والدعم غير المباشر لكل جبهات المقاومة، الآن انتقلت إلى موقع الفعل والصدام المباشر، وهذا سيغير من موازين القوى، وشكل المواجهة لأنها كما يعلم الصديق والعدو أنها دولة فاعلة دولة قوية، ذات إمكانيات حقيقية من إبداعها، من جهود شعبها وعلمائها، فصار يحسب لها حساب.
الوعد الصادق لم تبين ضعف إسرائيل فحسب، بل وفضحت ضعف العرب المرعوبين من الإسرائيليين، لكن الصواريخ والمسيرات وصلت لاهم محميات الكيان، حيث مفاعل ديمونة وقاعدة ريمون، في رسالة إيرانية مفادها إن أي إعتداء على المنشآت النووية الإيرانية، ستترتب عليها نتائج مماثلة، وبذلك أصبحت إيران والمحور، لهم قرار في المنطقة وليس أمريكا وإسرائيل وحدها.
الوعد الصادق كشفت زيف الأنظمة الغربية والعربية، وازدواجية معاييرهم الإنسانية والحقوقية، وهذا ما أكدته مواقفهم من ما يجري من مذابح في غزة اليوم، وما خسرته تلك الدول وقبها الكيان المحتل، لن يعود مرة أخرى.. فاللعبة قد تغيرت.