تآكل العلاقات الغربية السعودية

سبت, 12/24/2016 - 18:51
تآكل العلاقات الغربية السعودية

سلّط كتاب أوروبيون مضطلعون الضوء على تراجع العلاقات بين السعودية والغرب عموماً، سواء كانت أوروبا او الولايات المتحدة، واعتبر هؤلاء “أن السعودية أصبحت بحالة من العزلة، ما يدفع بها ربما الى تبني سياسة اكثر عقلانية”.

وفي سياق متصل، دعا دبلوماسي أميركي سابق معروف ادارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب المقبلة الى تبني موقف حيادي بين ايران والسعودية، مؤكداً على ضرورة أن تنخرط اميركا مع أهم اللاعبين في المنطقة مثل ايران وتركيا والسعودية، ومشدداً بالوقت نفسه على ضرورة ان توقف السعودية تدفق الموراد الى الارهابيين.

بدوره، كتب رئيس البعثات المسؤولة عن العلاقات البرلمانية مع ايران في البرلمان الاوروبي “Eldar Mamedov” مقالة نشرت على موقع “LobeLog” حملت عنوان “تآكل العلاقات الغربية السعودية” أشار فيها الى تقرير تبناه البرلمان الاوروبي بتاريخ الرابع عشر من كانون الاول ديسمبر الجاري حول السياسة الخارجية والامنية للاتحاد الاوروبي.

ولفت الكاتب الى أن البرلمان الاوروبي أدان بتقريره هذا الحرب السعودية على اليمن وطالب بتحقيق في الانتهاكات التي يرتكبها “التحالف” الذي تقوده السعودية في هذا البلد، كما أضاف “ان التقرير دعا الاتحاد الاوروبي الى عدم تقديم أي دعم اضافي للتحالف الذي تقوده السعودية الى أن يتم التحقيق ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات” وفق تعبيره.

وتابع الكاتب “إن التقرير هذا ختم عام شهد “تآكل مستمر للعلاقات السعودية الغربية”، مذكراً بأن البرلمان الاوروبي تبنى بشهر شباط/فبراير الماضي مشروع قرار غير ملزم دعا الاتحاد الاوروبي الى فرض حظر على مبيعات الاسلحة الى السعودية.

كذلك اشار الكاتب الى التصريحات التي ادلى بها رئيس المفوضية الاوروبية “Jean-Claude Juncker” الذي وصف السعودية “بالنظام البغيض”، وتطرق ايضاً الى تصريحات وزير الخارجية البريطاني “Boris Johnson” التي انتقد فيها السعودية على خلفية دعمها للتطرف.

كما اضاف “انه اصبح هناك اجماع لدى اجهزة الاستخبارات الاوروبية بان الفكر الوهابي الذي ترعاه السعودية ساهم بشكل مباشر بنشوء تهديد ارهابي في اوروبا”.

ونبه الكاتب ايضاً “الى ان العلاقات الاميركية السعودية ليست افضل حالاً بكثير”، مشيراً الى تبني قانون   “JASTA”” الذي يسمح لعائلات ضحايا هجمات الحادي عشر من ايلول بمقاضاة السعودية.

وقال الكاتب ايضاً “ان هذه التطورات تأتي على خلفية فشل السياسة الخارجية التي اتبعها ولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان”، لافتاً الى ان السعودية عالقة بمستنقع اليمن وان الرئيس المنتهية ولايته والذي تدعمه السعودية عبد ربه منصور هادي يتحول الى عبء اكثر فاكثر.

كذلك تحدث الكاتب عما وصفه بتوبيخ دبلوماسي للسعودية عندما التقى وزير الخارجية الاميركي جون كيري بممثلين عن حركة “انصار الله” في مسقط، وتابع في سياق آخر “إن استعادة الجيش السوري وحلفائه لمدينة حلب تعد ايضاً نكسة كبيرة للسعوديين”.

وأشار الكاتب الى بعض المؤشرات التي تدل على استعداد سعودي لسياسة اكثر واقعية في ظل “عزل الرياض المتزايد وسمعتها الدولية المتدهورة”، معتبراً “ان من بين هذه المؤشرات ما حصل في لبنان مع انتخاب الجنرال ميشال عون رئيسا للبلاد ضمن صفقة شهدت تسلم سعد الحريري منصب رئيس الوزراء”.

كما اعتبر الكاتب “ان مؤشر آخر على سياسة اكثر واقعية هي الاتفاق الذي تم التوصل اليه بين الدول المصدرة للنفط (اوبك) مؤخراً، حيث تم الاتفاق على الحد من انتاج النفط”، غير ان الكاتب نبه الى ان الوقت لا يزال مبكراً للحديث عن سياسة سعودية جديدة اكثر منضبطة.

وتحدث الكانب حول الاعلان السعودي مؤخراً عن اصدار حكم الاعدام بحق 15 “جاسوس ايراني”، على حد زعم السلطات السعودية. وقال “انه في حال تم تنفيذ حكم الاعدام بحق هؤلاء، فان ذلك قد يشعل أزمة جديدة في العلاقات بين الرياض وطهران كما حصل مع اعدام الشهيد الشيخ نمر النمر اوائل هذا العام”، مضيفاً “ان السعوديين ربما سيستفيدون من تنفيذ الاعدامات من اجل اختبار ادارة ترامب المقبلة في حال صدر رد فعل قوي من طهران”، غير “انه نبه الى ضرورة ان يدرك السعوديون بان فكر “الايرانوفوبيا” الذي تحمله بعض الشخصيات في فريق ترامب لا يعني بالضرورة النظرة الايجابية تجاه السعودية”، وتابع بأن معاداة بعض الشخصيات بفريق ترامب لايران تأتي ضمن اطار اجندة “اسلاموفوبيا” اوسع، وبالتالي فان السياسة التي تضر بايران على الارجح لن تخدم السعودية.

على واشنطن أن لا تكون طرفاً في الصراع الاقليمي

من جهته، كتب الدبلوماسي الاميركي السابق “زلماي خليل زاد” مقالة نشرت على موقع “National Interest”  قال فيها “ان هناك تحديان اثنان اساسيان في الشرق الاوسط: مساعي ايران للهيمنة الاقليمية (على حد زعمه)، والتهديد الارهابي الذي تشكله “داعش” وكذلك منطقة افغانستان وباكستان.

ورأى الكاتب “ان على الولايات المتحدة تجنب الدخول في تدخل عسكري كبير وان لا تقف مع طرف معين فيما اسماه “الصراع الاقليمي الطائفي”، بل ان تساعد على ايجاد توازن قوة بين الدول المتخاصمة”، مضيفاً “ان ذلك يتطلب أن تجد واشنطن سبلا للاستفادة من قدرات وموارد شركائها”.

كما أشار الى “أن شركاء أميركا قاموا أحياناً بمعاملات تجارية مع نظام معين بينما كانت تحاول الولايات المتحدة فرض عقوبات وضغوط اخرى على هذا النظام، وبالتالي شدد على ضرورة ان تصر ادارة ترامب المقبلة على سياسات منسجمة داخل التحالفات التي تقودها اميركا”.

وتابع الكاتب “انه من مصلحة اميركا ان تشهد دولا مثل الاردن ومصر وتونس وافغانستان وكذلك دول آسيا الوسطى وبحر قزوين حكما افضل ونموا اقتصاديا”، مضيفاً “ان واشنطن تستطيع ان تساعد بهذا الاطار وانه عليها (واشنطن) ان تشجع دول الخليج على المساهمة بتمويل المساعدة التي قد تقدمها الى هذه الدول”.

كذلك اكد الكاتب على ضرورة “ان تبقي الولايات المتحدة عينها على اجندة الاصلاحات لدى القيادة السعودية”، مضيفاً “بات على السعوديين اتخاذ خطوات واضحة وحقيقية لوقف تدفق الموارد من منطقة الخليج الى “المساجد والحركات الراديكالية”، وتابع الكاتب بالوقت نفسه “انه في حال كانت السعودية جادة بتطبيق “رؤية عام 2030″ (مشروع محمد بن سلمان لتحديث البلاد) فان الحكومة الاميركية حينها قد تحث الشركات والجامعات الاميركية وايضاً منظمات المجتمع المدني على ضمان نجاح هذا المشروع”.

وحول ايران، وبينما شدد الكاتب على ضرورة ان تقوم الولايات المتحدة باحتوائها وتعديل الاتفاق النووي معها (حيث يعتبر الكاتب ان الاتفاق النووي متساهل مع طهران)،اكد في الوقت نفسه على ضرورة ان تبقى واشنطن مستعدة للانخراط مع ايران.

وفيما يخص سوريا، قال الكاتب “ان رغبة ترامب بالتوصل الى اتفاق مع روسيا منطقية”، وتحدث عن خيارات حول مستقبل الرئيس السوري بشار الاسد من بينها ان يصبح رئيسا لمنطقة علوية في دولة سوريا “لا مركزية”، كما شدد “على ضرورة ان يكون ترامب مستعدا لخيار ثان وهو حملة مكثفة ضد “داعش” في شرق سوريا، بحيث يسيطر الاكراد والعرب على المناطق المحررة من أجل عدم سيطرة “ميليشيات تدعمها ايران” عليها”، على حد قول الكاتب، واضاف “ان هذه المناطق يمكن ان تتوسع تدريجياً نحو الغرب،اذ سيقوي ذلك الموقف الغربي في التعاطي مع روسيا ونظام الاسد وايران”.

وحول منطقة افغانستان وباكستان، تحدث الكاتب عن ضرورة ان تراجع ادارة ترامب السياسات الاميركية في كلا البلدين وكيفية بناء دولة افغانية لا تكون قاعدة للارهابيين ويمكن ان تساعد الولايات المتحدة في الصراع مع التطرف” وفق قوله.

كما شدد الكاتب على ضرورة جعل باكستان توقف دعمها للمتطرفين والارهابيين، مشيراً الى “ان واشنطن لديها أوراق يمكن أن تلعبها مع اسلام اباد مثل استهداف الارهابيين داخل باكستان، وكذلك تقليص المساعدات الى هذا البلد، اضافة الى تصنيفها دولة راعية للارهاب، غير انه قال بالوقت نفسه “ان الولايات المتحدة يجب ان تكون مستعدة للمزيد من التعاون مع باكستان في حال غيرت الاخيرة سياستها بشكل حقيقي”.

كما أكد الكاتب على ضرورة أن تنخرط الولايات المتحدة مع لاعبين كبار في المنطقة وخاصة ايران والسعودية وتركيا، وذلك من أجل تشجيع حوار اقليمي، وأضاف “ان الولايات المتحدة يجب ان تساعد على انشاء منتدى شبيه بمنتدى “ASEAN” (رابطة دول جنوب شرق آسيا) من أجل البدء بحوار لنزع فتيل الانقسامات الطائفية والخصومات.

وتابع “إن منتدى الدول المطروح هذا يجب أن يؤسس بناء على ميثاق يشير الى مبدأ القبول بالآخر بين السنة والشيعة ويفتح عملية لحل النزاعات وايجاد مجالات للتعاون المشترك”.

علي رزق

Share

أخبار موريتانيا

أنباء دولية

ثقافة وفن

منوعات وطرائف