من الطبيعي أن يشعر المقبل على الزواج بالقلق من المسؤولية ومن تغيّر نظام حياته، لكن ما ليس طبيعياً هو أن يتحول القلق إلى حالة مرضية، تنتاب الشخص كلما فكر في الارتباط، معتقداً أن البقاء وحيداً أفضل له، متجنباً الحديث عن الزواج.
بالإضافة إلى الأسباب الاقتصادية والأسباب المتعلقة بالرغبة في التحقق قبل الزواج هناك أسباب أخرى لعزوف الشباب من الجنسين عن الزواج، هي الخوف من الزواج.
رهاب الزواج
يعرف الخوف من الزواج بالجاموفوبيا "gametophobia"،وهو اسم مشتق من الكلمة اليونانية "gamoss" بمعنى زواج.
الجاموفوبيا هي الخوف المرضي من الزواج أو الارتباط
وتشمل أعراض هذا المرض كل ما سبق ذكره ويصحبها في المراحل المتقدمة علامات جسدية، مثل الارتجاف والبكاء وتسارع ضربات القلب وصعوبة التنفس والغثيان والقيء والتعرق والدوخة وآلام البطن.
الخوف وعدم الأمان أهم الأسباب
لرهاب الزواج عدة أسباب منها:
1- الشعور الشخصي بعدم الأمان
وهي الحالة الانفعالية الدائمة بانعدام الثقة والأمان في الحياة؛ مما يتبعه تجنب القيام بالكثير من الأعمال المهمة في الحياة خوفاً من عواقبها، وحتى لا يشعر بالندم بعد ذلك.
2- التعرض لحادث مؤلم
قد يكون الخوف من الزواج نتيجة للتعرض لحادث مؤلم يتعلق بالارتباط في الماضي، خلَّف وراءه رواسب نفسية أليمة، مثل طلاق الوالدين أو التعرض للخيانة أو زيجة فاشلة لأحد المقربين.
3- الخوف من الالتزام
يصيب هذا النوع الأشخاص الذين يشعرون بالتوتر حالما تُفوض لهم إحدى المهام، أو يشعرون بالمسؤولية تجاه أشخاص أو أشياء بعينها في حياتهم؛ ما قد يجعلهم يتجنبون تحمل المهام من الأساس، وإن كانوا قادرين على القيام بها.
الخوف من تحمل المسؤولية قد يكون مسبباً للجاموفوبيا
4- الخوف من انتهاء الحب بين الطرفين
من الأسباب المهمة أيضاً الخوف من انتهاء الحب بين الطرفين بمجرد تتويج العلاقة بالزواج الرسمي؛ لاختلاف طبيعة العلاقة بين الارتباط الحر والتقيد بقوانين الزواج والحقوق والواجبات.
العلاج وكيفية التغلب على هذا المرض
عليك أن تعرف من البداية أن القلق من الزواج أمر طبيعي؛ فالإقدام على خطوة مؤثرة على مستقبلك ونمط حياتك لا بد أن يحظى بالحذر والترقب، لكن من غير الطبيعي أن يكون هذا الخوف سبباً في إلغاء الخطوة من الأساس.
فهناك بعض الخطوات الواجب اتباعها للتخلص من هذا المرض:
1- حدد السبب الحقيقي لخوفك
اجلس مع نفسك وواجهها بالسبب الرئيسي الذي يجعلك تخاف من فكرة الزواج كلما خطرت لك، لا يمكن لأحد أن يحدد السبب غيرك. كن أميناً مع نفسك وحاول تفنيد التجارب التي مررت بها، أو مرَّ بها المقربون منك، ربما تكون إحدى هذه التجارب الفاشلة التي شاهدتها السبب.
وربما تكون من الذين يخافون من المسؤولية، أو غير مقتنع بشريك حياتك بالكامل.
حدد بالضبط ما تخاف منه؛ لأن هذه الخطوة الأولى والأهم نحو العلاج.
2- واجه خوفك
ليس حقيقياً أن الزواج كله متاعب مثلما يحاول بعض المحيطين بك أن يوهموك؛ فالحياة الزوجية مليئة بالساعات الجميلة التي تقضيها مع شخص يفهمك، ويعمل على مشاركتك كل لحظاتك السعيدة والحزينة.
وحتى هذه المتاعب التي يمر بها المرء في الزواج تشعره بعد فترة بأنه شيَّد صرحاً كبيراً من الجهد والحب ومحاولات التفاهم. ببساطة، اللحظات الصعبة التي يمر بها الزواج ملح الحياة، وبدونها يصير تجربة مملة.
اعلم أنه ليس من الضروري أن تسري نفس الأسباب التي أفشلت الزيجات المحيطة بك على تجربتك، واجه هذا الخوف بالبحث عن الأسباب التي تجعلك تتفادى أخطاء الآخرين في علاقاتهم، بدلاً من أن تتنازل عن العلاقة من الأساس.
3- لا بأس من استشارة الطبيب
إذا كنت تشعر أنك لن تستطيع التغلب على هذا الخوف وحدك، فالأفضل أن تستشير الطبيب، وبدوره سيبذل جهده ليساعدك في اكتشاف الأسباب الحقيقية وراء خوفك. وقد يحتاج الأمر أن تصطحب شريك حياتك في جلساتك مع الطبيب، لما لذلك من أثر جيد في العلاج.
4- تكلم مع شريك حياتك عن مخاوفك
من أفضل الطرق للتغلب على الخوف إظهاره للمقربين، وخاصة المعنيين بالأمر، يجب أن يكون هذا الإظهار بشكل إيجابي تطلب فيه مساعدة شريكك كي تتجاوزا هذه الأزمة. اشرح له مخاوفك بصراحة؛ فمن المؤكد أن هذه المناقشة سوف تخلق بينكما جسراً جديداً من التواصل يسهل الأمر ويحسم الأمور العالقة خلف الخجل والقلق.
5- تعرف على طبيعة الزواج بشكل واقعي
الزواج ليس قوس قزح يعلو السماء فوق حبيبين يجلسان على الشاطئ يتأملان الوجود في هيام، فالزواج اتفاق بين اثنين على مشاركة كل اللحظات والمسؤوليات والطموح والإمكانات والتحديات.
فمن الضروري أن تتعرف على كل جوانب حياة شريكك، وألا تكتفي بالانجذاب العاطفي نحوه فقط؛ لتتجنب شعور الندم عند فتور العلاقة العاطفية بعد الزواج أو اتخاذها شكلاً آخر.
6- ضع خطة لأحلامك ومسؤولياتك بشكل دقيق واعرضها على شريك حياتك
من الحلول العملية المؤثرة أيضاً، تحديد مسؤوليات كل فرد في العائلة قبل بنائها. فهذا الأمر يحد من الخلافات التي تنشأ في بداية الزواج، لاكتشاف كل فرد دوره بعد إنشاء البيت بالفعل، ولا سبيل للنقاش أو التراجع.
فكلما اتضحت المسؤوليات والواجبات والحقوق قبل الزواج قلت احتمالية الإصابة بالخوف من خوض التجربة.
أيضاً يقلِّل إطلاعُ شريك الحياة على خطة المستقبل، سواء بشأن العمل أو الدراسة أو السفر من الخلافات، ويوطد علاقة الزواج، ويجعل نسبة تكليلها بالنجاح أقرب للنسبة الآمنة.