بلاغ صادر عن الاتحاد الدستوري
يتضح من خلال المشاورات الأخيرة التي أجراها السيد رئيس الحكومة المكلف، أن العرض المقدم يروم تشكيل حكومة جديدة انطلاقا من الأغلبية السابقة. وان مقاربة من هذا النوع، وأيا كانت دواعيها و خلفياتها، تفتقد إلى بعض عناصر العقلانية، ذلك أنها مقاربة تتجاهل بعض المستجدات الحزبية، ولا تأخذ في الاعتبار البعد الواقعي للأرقام التي تعتمد عليها.
فهي تدعو بشكل مباشر إلى فك الارتباط بين حزبين سياسيين قررا، قبل بدء مسلسل المشاورات من اجل تشكيل الحكومة، أن يتقاربا وأن يشكلا فريقا موحدا في مجلس النواب وأن يبرما تحالفا استراتيجيا، لا يستجيب لظرفية محددة، ولا يصدر عن مناورة سياسوية. وقد أخذت الساحة السياسية علما بهذا القرار وسجلته جميع الأطراف بما فيها حزب رئيس الحكومة المكلف نفسه.
والأجدر أن تحترم هذه الإرادة الحزبية الجادة والمؤسسة لمزيد من الانسجام بين مكونات المشهد السياسي، وتؤخذ بالتالي في الاعتبار .
ونحن إذ نعتقد أن مقاربة من هذا القبيل إنما تضرب استقلالية الحزبين في اتخاذ قراراتهما بكامل الحرية وفي انسجام مع توجهاتهما ومبادئهما المشتركة وأهدافهما المتقاربة، نُذكر أن التحالف بين التجمع الوطني للأحرار والاتحاد الدستوري تحالف من اجل المصير السياسي المشترك،
كما أننا نستغرب أن تمتد عملية تشكيل الحكومة إلى حد التدخل في تشكيل الخريطة الحزبية أو في بناء أو نسف التحالفات الحزبية خصوصا حينما تكون تحالفات مسؤولة، قائمة على تزكية من الهيئات الحزبية المقررة ومعلنا عنها رسميا.
إن الاتحاد الدستوري وهو ينبه إلى خطورة هذا المنحى، يثير الانتباه في ذات الوقت إلى أن المغرب لم يعد قادرا على تحمل أغلبية افتراضية، قد تعصف بها المتغيرات عند أول طارئ. فما ينتظره بلدنا من تحديات مطروحة بإلحاح على المستوى الوطني، ومن وفاء بالالتزامات التي تعهد بها على المستوى القاري والدولي يستوجب بناء مؤسسة تنفيذية جدية وجادة وقادرة على مواكبة الطموحات الشعبية. ولن يتم ذلك إلا من خلال أغلبية فعلية، مريحة تتأسس على انسجام بيني للفرقاء وتضامن جماعي للفريق الحكومي، وهذا لن يتأتى إلا بعقلنة المقاربة المعتمدة في تشكيل الحكومة القادمة.
الدار البيضاء في 05 يناير 2017