
تقرير/عبده بغيل..صحفي يمني
في خضم الظلام الدامس الذي يخيم على قطاع غزة، بزغ أسطول الصمود العالمي كشعلة أمل وإرادة لا تنطفئ، ليُسطِّرَ ملحمةً جديدةً في سجل النضال الإنساني. لقد كانت مهمته هي كسر الحصار البحري الجائر وإيصال شريان الحياة من غذاء ودواء إلى أهل غزة المحاصرين. وفي حين لم تنجح القوارب في لمس شواطئ القطاع المُدمَّر، بعد اختطاف وقرصنة البحرية الصهونية لها واقتيادها قسرًا، فإن الحكم على نجاح الأسطول لا يُقاس بوصول البضائع، بل بما هو أعمق وأبقى: بوصول الرسالة إلى ضمير العالم.
لقد حقق أسطول الصمود العالمي ما هو أعظم من عبور أمواج البحر؛ لقد حقق اختراقًا لجدار الصمت العالمي، وأنجز مهمته الإنسانية والإعلامية ببراعة مُذهلة، مُحولًا لحظة الاعتراض إلى نقطة تحول تاريخية في الوعي الدولي.
كما استطاع اسطول الصمود العالمي ايضا جذب اهتمام العالم باستخدام تكنولوجيا متطورة من الكاميرات والبث الحي وأجهزة التتبع في الوقت الفعلي، حوَّل الأسطول نفسه إلى "غرفة بث مباشرة" للانتهاك الصهيوني
من جهة اخرى نجح اسطول الصمود العالمي في
توليد زخم شعبي هائل حيث كان التنظيم الشعبي والدعم النقابي الذي سبق وأعقب الاعتراض قويًا لدرجة أن الاحتجاز نفسه أجَّج احتجاجات عارمة في مدن أوروبية ومكسيكية وأرجنتينية وباكستانية.
كما ان انضمام شخصيات ذات ثقل أخلاقي كـ غريتا تونبري وحفيد نيلسون مانديلا إلى الأسطول، منح القضية رمزية عابرة للحدود والأيديولوجيات، مؤكدًا أن قضية غزة هي قضية عدالة إنسانية شاملة.
لقد كان أسطول الصمود العالمي انتصارًا استراتيجيًا للإنسانية، فهو لم يكتفِ برفع الأعلام، بل قام بإعادة تشكيل الخارطة الذهنية للقضية في الأذهان العالمية. لقد أثبت أن الضمير الحي لا يمكن مصادرته، وأن الرغبة في مد يد العون لشعب مُحاصر هي قوة لا تُقهر.
