
هناك إجماع وطني على وجود الفساد في بلدنا، وفي كل مرة تنشر جهات الرقابة على المال العام ، تقارير تبرز جوانب من ذلك، تتعالى الأصوات منادية بمعاقبة المشمولين في تلك التقارير واسترجاع الممتلكات التي استحوذوا عليها من مال الشعب!
وفي الغالب، حسب التجربة، تستمر تلك الدعوات متصاعدة في الفترات التي تسبق الكشف عن الأسماء المشتبه فيها!
لكن مع ظهور طلائع المعنيين يتحول ذلك الإجماع إلى خصومات تعتمد التشهير ببعض هؤلاء من طرف خصومهم، وتنزيه البعض الآخر من طرف مناصريهم...
ومع الوقت يتحول الأمر إلى مطية لنيل الجهات والقبائل من بعضها، بعد أن يسلك دروبا مختلفة، تنزه فيها حقب معينة وتخون أخرى؛ تبعا لموقف المتحدثين من كل حقبة!
اشتغال الناس وهم هدف الإصلاح ووسيلة دعمه، بتلك الخصومات، أدى ويؤدي، في كل مرة، بالسلط المختلفة، إلى حل الإشكال مع المعنيين بعيدا عن أنظار الجمهور، حرصا، حسب مايبدو، على السكينة العامة!
وضع استغله الفاسدون، ويستغلونه دائما لمواصلة نهب المزيد من مال هذا الشعب الطيب، بعد أن وجدوا فيه أمنا من العقوبة، خاصة تلك المعنوية المتعلقة بنظرة المجتمع لمن تثبت عليه السرقة علنا!
وعليه؛ فإن الخروج من هذه الدوامة يعتمد في نظري، على مراجعة حساباتنا ووضع الأمور في نصابها، وذلك يتطلب منا جميعا الانطلاق من الأمور التالية:
*الفساد في بلادنا نشأ مع نشأة الدولة الوطنية، ربما بسب نظرة المجتمع لهذا الكيان الجديد عليه(مفتش الدولة منتصف السبعينات، يتحدث عن فساد ب105مليون في قطاع الضرائب فقط)، فهو إذن ليس خاصا بحقبة دون أخرى، لكن
من الطبيعي أن يكون عدد المفسدين وحجم الأموال المنهوبة في تصاعد تبعا لتطور المجتمع وتضاعف الميزانية!
*في كل فترة منذ الاستقلال إلى الآن يوجد وطنيون مستقيمون من كل جهات وقبائل وأعراق الوطن، لذلك من الواجب والحكمة الإشادة بهم، فمن ناحية ذلك حقهم الطبيعي، ومن ناحية أخرى مفيد لما نصبو إليه جميعامن إشاعة للفضيلة في بلادنا،
*فضائل هؤلاء المستقيمين للوطن عموما وليس لأي منا الحق في التفاخر بهم على حساب الآخر، كما أن أفعال غير المستقيمين يتضرر منها الوطن ككل لذلك لاينبغي أن نحمل ولا أن تتحمل، أية جيهة ولاقبيلة مسؤوليتهم!
*المتهم بريء مالم تثبت إدانته، فما بالكم بالمشتبه فيهم، لذلك لاينبغي التشهير ، بأبناء الوطن؛ لا تلميحا ولا تصريحا!
*تنزيه المشتبه فيه والدفاع عنه، ينطوي ضمنيا على التشهير به؛ حيث يجعله عرضة لسهام مناوئيه، خاصة أن لكل شخص في هذا الكون مناوئين!
هذه بعض المنطلقات التي أراها ضرورية كي يكون طريق القضاء على الفساد سالكا.
حفظ الله بلادنا من كل مكروه وزادها رفعة وأمنا ونماء
الديماني محمد يحي
