
أحمد الحربي جواد
في التسعينات شاهدنا عادل إمام يضحكنا ويبكينا مع فيلم "طيور الظلام"، حيث تاجر بعضهم بالدين ليصعد إلى السلطة، بينما بعض السياسيين يبيع ويشتري بالمواطن نفسه. كنا نظن أن هذا فيلم مصري من وحي الخيال، لكن ما إن أطلّ علينا الواقع العراقي بعد 2003 حتى اكتشفنا أن النسخة العراقية من "طيور الظلام" إنتاج مفتوح…بدون نهاية!
"طيور الظلام" في العراق لا تحتاج كاميرا سينمائية او تذهب الى دور السينما او تدفع ثمن المشاهدة الا اذا كنت انت جزء من الحدث، فقد تدفعه بروحك او أغلى ما تملك … وان كنت محظوظا ً بما يكفي عليك فقط أن تفتح التلفاز وتشاهد نشرة الأخبار.
بعض من سياسي الصدفة اصبح يتقن لعبة "الديمقراطية"، يضحك على المواطن وهو يقول له: "صوتك أمانة… نبيعه بالدولار"، بينما البعض ممن هم ليسوا برجال دين حقيقيين بل تستروا تحت التطرف الديني يرفع شعار: "الطاعة واجبة… حتى لو انقطعت الكهرباء"، وكلاهما في النهاية يقتاسمان الكعكة.
المواطن المسكين صار مثل شخصية فتحي نوفل في الفيلم، ضايع بين مطرقة الفساد وسندان الشعارات الدينية، لا يعرف من يصدّق… ولا كيف يعيش.
في مصر، عادل إمام أنهى الفيلم بجملة ساخرة أوجعت القلب. أما في العراق فالفيلم ما زال يُعرض يوميًا، لكن بدون "تترات نهاية". السياسيون يبدّلون المناصب مثل لعبة "تبديل الكراسي "، والتيارات المتشددة تبدّل الفتاوى مثل "كارت الرصيد". أما الشعب، فيبقى جالسًا في الظلام، يتفرج على عرض كوميدي تراجيدي، ويقول بحسرة عراقية:
"يا معوّد… ذوله موطيور الظلام… ذوله الغربان نفسهم، بس لابسين بدلات رسمية!"
المواطن العراقي المسكين، بين الاثنين، لا يعرف هل هو بطل القصة أم مجرد مشاهد ؟ يذهب ليبحث عن "الكهرباء الوطنية" فيجدها "إجازة رسمية". يسأل عن الإصلاح، فيُقال له: "أكو لجنة تحقيقية"… واللجنة بدورها تحتاج لجنة، ثم لجنة أخرى، وهكذا حتى يفقد المواطن صبره ويصرخ: "هااا… شكو ماكو؟"
قفشة أولى: الديمقراطية عندنا مثل الانترنت… "يجي ويغيب".
قفشة ثانية: السياسي العراقي إذا قال "الوطن أولًا"، اعرف أن جيبه ثانيًا وثالثًا.
في النهاية، يبقى العراق مسرحًا مفتوحًا لعرض طويل اسمه طيور الظلام – نسخة عراقية، حيث الضحك والدمع يتعانقان، والشعب ينتظر "النهاية السعيدة"… التي قد تأتي بها الانتخابات.
وللحديث بقية…دمتم












