
تحليل وكالة العرب..شامخ الناجي
جاءت زيارة الرئيس غزواني إلى ولاية الحوض الشرقي قبل أيام لتنسف ما تواتر عند الموريتانيين من ميل رئيس الجمهورية إلى المواربة في شؤون الحكم، وتجنبه التطرف أمام الجماهير إلى ما يثار من قضايا حول من يخلفه، وما مدى جديته في الحرب على الفساد؟.
تحذير للقبليين والفئويين
أعلن الرئيس محمد ولد الغزواني بوضوح قبل نحو أسبوع أنه "يُحظر من الآن، على أي موظف للدولة تنظيم أو حضور أي فعاليات أو أنشطة منافية للقوانين، أو متنافية مع ترسيخ مفهوم الدولة الوطنية" مضيفا أن هذا الحظر يبدأ فورا.
وأضاف ولد الغزواني خلال لقاء عقده مع أطر ووجهاء انبيكت لحواش، أنه "لم يعد مقبولا من موظفي وأعوان الدولة أن يلعبوا أي دور أو يحضروا أي مظاهر لها طابع قبلي أو جهوي".
وأكد أن "الموظف يرمز للدولة حتى وهو خارج مكتبه"، مشيرا إلى أنه "لا يمكن أن يكون أحيانا جزءا من ترسيخ مفهوم الدولة، وأحيانا أخرى جزءا من هدم ذلك".
وأبرز الرئيس الموريتاني أن "استخدام القبيلة والجهة والشريحة استخداما منافيا لمفهوم الدولة الوطنية مضر بحاضر ومستقبل الوطن، ولم يعد مقبولا نهائيا".
وتحدث الرئيس غزواني عن المساواة في الحقوق بين المواطنين بغض النظر عن انتماءاتهم القبلية أو الجهوية أو العرقية، طبقا لمفهوم المواطنة، التي لا تميز بين المواطنين على أساس أي اعتبار قبلي أو فئوي.
وقال ولد الغزواني إن من واجبات المواطن تجاه موريتانيا "الولاء للوطن"، و"الحفاظ على الوطن"، و "حب الوطن"، مضيفا: "لا يمكن أن نكون دولة ولا أمة ولا أن نتوحد ونزدهر" ما لم يتم أخذ هذه القضايا في الاعتبار.
وشدد الرئيس على أنه لن يتساهل بعد اليوم مع أي دعاية أو ممارسة ذات طابع عنصري أو شرائحي أو قبلي.
وشدد الغزواني على أن السلطات "لن تتساهل مهما كان ثمن ذلك مع أي دعاية أو ممارسة ذات طابع شرائحي أو عنصري".
وأكد على أن حرية التعبير "محفوظة للجميع، لكن وحدة الوطن وتماسكه خطر أحمر وفوق كل اعتبار".
وأشار إلى أنه بعد عودته إلى نواكشوط لن يتساهل مع أي نزاع عقاري باسم القبيلة منتقدا الصراعات القبيلة التي قال إنها تحول دون تنمية مناطق من البلاد دون أي سبب.
وأضاف: "من غير المقبول الصراعات بين المواطنين على بئر ستحفر أو حنفية أو سد، والدولة ستقوم بمسؤوليتها في هذا الخصوص وستتصرف بالطريقة التي يجب أن تتصرف بها".
وتابع: "أقول لكم إنه من الآن أو بعد عودتي للعاصمة لن نتساهل في النزاعات العقارية باسم القبيلة والدولة ستقوم بمسؤوليتها كاملة".
..وتهديد للمفسدين
أكد الرئيس محمد ولد الغزواني في زيارة الحوض الشرقي استمرار ما وصفها بالحرب على الفساد، وأن البلد قطع أشواطا كبيرة في محاربتها، مشددا على أنه لا هدنة فيها، ولن ينجو أحد من المحاسبة لقرابة أو علاقة شخصية أو اجتماعية.
وتعهد ولد الغزواني خلال حديث أمام ممثلي سكان مقاطعة جكني بعدم السماح باستخدام محاربة الفساد لتصفية الحسابات، لافتا إلى أنها لا يمكن أن تتم إلا وفق القانون، ولا مكان فيها للاستسهال في الاتهام أو الشعوبية.
وقال ولد الغزواني إن الأشهر العشرة الأخيرة عرفت تحويل عشر ملفات فساد إلى القضاء، شملت سبعين شخصا، عشرون منهم في السجن، وتسعة عشر استفادوا من حرية مؤقتة، وهي شأن قضائي، وثلاثون ما زالوا على مستوى النيابة العامة.
وأكد ولد الغزواني أنهم عملوا على الحد بشكل كبير من صفقات التراضي، حيث تراجع عددها من 27 سنة 2019، إلى 6 سنة 2025.
ولفت ولد الغزواني إلى أنه في مجال الطلبية العمومية تم تصنيف الشركات وفق مجموعات ضمن معايير محددة بهدف تعزيز الشفافية ومحاربة الفساد، كما تم استخدام التقنيات في ضبط التعاقد مع الشركات، وضمان وفائها بدفاتر التزاماتها.
ودعا ولد الغزواني لاستغلال ما وصفها بثورة التواصل الاجتماعي لمحاربة الفساد، بدل استغلالها فيما لا يفيد، مردفا أن كل المؤثرين معنيين بذلك.
ونبه ولد الغزواني إلى أن من أسرع الطرق لمحاربة الفساد العمل على التحول الرقمي، ولذا أنشأوا قطاعا حكوميا خاصا به، كما أطلقوا مجموعة من التطبيقات سهلت حياة المواطنين وخدمت الشفافية.
وتحدث ولد الغزواني عن عملهم على تقليص ميزانيات التسيير مما خلق فرصا لتمويل المشاريع.
ودعا ولد الغزواني جميع الشعب للمشاركة في محاربة آفة الفساد بجميع أبعادها، سواء تلك المتعلقة بالدولة وهي الفساد المالي والإداري أو تلك التي تشكل حواضن له كالفساد الاجتماعي والأخلاقي.
تهديد لدعاة الإستخلاف
شدد الرئيس محمد ولد الغزواني على أنه لا مكان بينهم لمن يفكر أو يعمل لأجندة غير أجندة تنفيذ البرنامج الذي تعهدوا للشعب الموريتاني به، داعيا لليقظة والحذر من الشائعات التي تتحدث عن خلافات أو انقسامات داخل النظام، وترشحات لرئاسيات 2029.
وأضاف ولد الغزواني خلال ردوده على أسئلة وملاحظات ممثلي سكان مقاطعة تمبدغة أن من يفكر بهذا المنطق عليه أن لا يضيع المزيد من وقته، لأنه "لن يحقق هدفه معنا أبدا".
وأردف ولد الغزواني أن من لديه أنصار أو أصدقاء يفكرون أو يطمحون له بشيء من هذا الشأن فهم في الحقيقة يضرونه الآن ويضرونه غدا.
وعبر ولد الغزواني عن يقينه في أن الهدف من كل الشائعات المتعلقة بالخلافات أو الانقسامات داخل نظامه أو بالترشح لانتخابات 2029 هو إضعاف انسجام الشعب ووحدته، ولفت الانتباه عما وصفها بالإنجازات التي تحققت وكانت مفيدة لتنمية البلد، وشغلهم وشغل الرأي العام بنقاشات جانبية لا محل لها، ومضيعة للوقت.
حديث الرئيس عن صراع الأجنحة داخل نظامه لم يتأخر حزبُ الإنصاف الحاكم في التعليق عليه حيث أعلن الحزب في بيان ان خطاب الرئيس محمد ولد الغزواني بمدينة تمبدغه، أوضح أن أي أجندات شخصية أو طموحات مبكرة لا مكان لها داخل المنظومة.
وعبّر الحزب في بيان عن "اعتزازه العميق بما حمله الخطاب من وضوحٍ سياسي، وصرامةٍ مسؤولة، ورؤيةٍ إصلاحية شاملة تُعيد ضبط أولويات الدولة، وتحصّن مسارها الديمقراطي والتنموي".
وأشاد الحزب بـ"حزم الرئيس في وضع حدّ للشائعات والتأويلات التي أُريد لها أن تُشغل الرأي العام بنقاشات جانبية لا تخدم الوطن، وتضعف وحدة الشعب وانسجامه، وتصرف الأنظار عن الإنجازات الكبرى التي تحققت في الأعوام الأخيرة".
كما ثمّن الحزب ما تحدث عنه الرئيس "من ضرورة أن تنشغل النخب السياسية والفكرية بما يفيد الدولة، وأن تتوجّه جهود الحوار الوطني نحو طرح الأسئلة الجوهرية حول واقع منظومتنا الدستورية ومدى فاعلية مؤسساتها".
وأضاف: "لقد ضرب الرئيس أمثلة من قبيل البرلمان والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي ومجلس الفتوى والمظالم، لا على سبيل الحصر، وإنما بوصفها نموذجًا لنقاشٍ أوسع يتصل بجدوى المؤسسات، وأدوارها، ومدى قدرتها على الاستجابة لأولويات الدولة".
ودعا الحزب كافة الفاعلين داخل
الأغلبية إلى "قراءة الخطاب في سياقه الصحيح: توجيهٌ وطني جامع، هدفه حماية الانسجام الداخلي وتقوية الدولة، وليس منصة لتصفية الحسابات أو توسيع دائرة التأويلات".
كما حث الفاعلين على "التركيز على الإنجاز والعمل الميداني، ومواكبة الأولويات التي رسمها فخامة الرئيس بوضوح خلال هذا اللقاء".














