القديسة

أربعاء, 11/19/2025 - 21:31

 

هناء الألوسي

في حضرةِ الخذلان،
ارتدت روحي خمارَ التجاهل،
وقيّدت أنفاسي بالصمت،
وعلَت فوقَ كبرياءِ غروري.

هنا حيث تعلن الحقيقة قداسها،
غلَب الزيف على المقاعد،
وحضر الكذبُ والنفاقُ والخداع،
كوجوهٍ تتبدل بضوء القمر،
وتختبئ خلف سحبٍ من الأعذار.

كنتُ أبحث عن البقاء بترنيمة الصدق،
فيما هم يشيدون قصائدَ المصالح،
ويُشعلون أوتار الكلام الزائف
لينصبوا فخاخهم باسم الوفاء.

وحين بلغت الأصواتُ سمعي،
ذاك السمعُ الذي اعتاد الحبَّ والصفاء،
جاءت الأعذار تارةً ألمًا،
وتارةً وجعًا،
وأخرى همسًا فارغًا لا يحمل معنى،
فتساءلت طويلاً:
لِمَ يتحوّل الودُّ فجأةً إلى نفور؟

كطفلةٍ مراهقةٍ تجاهلت ملامح الحقيقة،
آمنتُ بأحلام كبيرة،
وتهوّست بالحرية،
ثم وجدتني أتراقص
على فلسفةٍ لا تشبه إلا تناقضاتها.

عدت أسأل نفسي:
أتنقلب الموازين خوفًا من الخسارة؟
أم أنانيةٌ تُريد أن تملك حتى الأنفاس؟

انطفأت الأماني خلف أبواب صمّاء،
لا حياة فيها إلا صدى ضجيجٍ متعب،
كشتاءٍ بلا دفء،
ولا نافذةٍ يمر منها نور.

هدأت الحركة،
وتواري النبض،
وبقيتُ كوجيعٍ في خيمةِ يأسٍ
لا ينتظر وصول أحد.

ومع آخر خيطٍ من صوتِ ذلك العالم المضطرب،
أدركتُ أن الخذلان ليس نهاية،
بل بوابة يولد منها يقينٌ جديد؛
يقينٌ بأن الروح التي تُجلَد لا تنكسر،
وأن القديسة التي تسكن داخلي
ستظل واقفة ...
حتى لو تخلّى عنها العالم بأسره.

Share

أخبار موريتانيا

أنباء دولية

ثقافة وفن

منوعات وطراف