كما هو معلوم ان سياسة آل سعود من منظور الثابت تجاه اليمن تقضي بجعل هذا البلد وأهله في حالة من عدم الإستقرار السياسي والإقتصادي ، خدمة لتوجه شيطاني يكمن في الإعتبارات المغلوطة القائمة على مصالح الأمن القومي والأهمية الجيوسياسية التي لا تراعي وحدة الدين واللغة والجغرافيا برغم ان كل شيء قائم علي التغيير الا الجغرافيا فهي ثابتة لا تتغير.
غير انها خلاف ذلك في عقلية الأسرة المالكة من آل سعود التي لا يهمها اي فصيل اومكون سياسي ترى فيه ما تراه بقدر ما ترى من منظورها الثابت و هو جعل هذا الجار الشقيق في ضعف اقتصادي وترهل سياسي .
التاريخ السياسي للمملكة تجاه اليمن غني عن البيان بدءً من الحرب اليمنية السعودية في ثلاثينات القرن المنصرم مروراً بمحاولة اجهاضها لثورتي سبتمبر وأكتوبر المجيدتين وحروب المناطق الوسطى وحرب صيف 94 وغير ذلك الكثير من التوترات والمشاكل السياسية والاقتصادية كانت المملكة خيطها الناظم .
ان كل هذه السياسات والممارسات تجاه اليمن في السياسة والحكم والإرادة طوال السنيين الماضية خلفت تراكمات كبيرة اكتوت بها جميع مكونات الشعب اليمني على اختلاف المشارب ناهيك عن السواد الأعظم من اليمنيين والذين لطالما تناقلوا هذه المساوئ بكل اوجاعها من الجد الى الأبن الى الحفيد .
جميعها مجتمعة او منفردة أفرزت تغيرات نوعية في النسق النفسي والعلائق الاجتماعية والهوى الشعبي بين أبناء الوطن الواحد قادت بدورها الى تشكيل واقع متغير مقاوم لثابت تقادمت عليه السنين ، لم يعد قادر على الإستمرار كما كان في السابق ينتجه ال سعود و بات منظورهم الثابت يتداعى بين واقع انتهى وواقع يعجز ان يطاله .
هذا الوعي الجماهيري والشعبي العريض انضجته مرارة السنين وتطورات الأحداث والوقائع الأمر الذي جعل المملكة العربية السعودية امام أمرين لا ثالث لهما اما القبول بإرادة الشعب اليمني وحريته في الحياة دون وصاية والتطلع للعيش الكريم واما الرفض فاختارت الرفض والرفض أدهى وأمر فما كان لها الا ان تعلن عن مسخ أهدافها وتكشف وجهها القبيح، فحرصت على ان تكون حربها على اليمن من ابشع الحروب في التاريخ الحديث والمعاصر وأكثرها انفاقاً للتدمير والقتل والحصار وكل ما يمكن فعله .
وها نحن اليوم نقترب من عامين منذ بداية العدوان الكوني الذي تقوده مملكة الرمال المتحركة وبمظلة دول التحالف الذي ولد مشوهاً تستخدم فيه احدث الخطط الحربية المتكئة على التقنية والمعلومة والترسانة العسكرية المتطورة متزامن بتضليل إعلامي غير مسبوق للعقل كما هي في العواطف والمخيلة يقابله صمت دولي صادم أدار ظهره للشعب اليمني واكتفى بالصمت ومنظمات وهيئات وتفرعات إنسانية ذات صلة تقرأ مؤشرات وأرقام جرائم العدوان في القتل والتدمير والحصار الجائر لكنها ترى بعيون عليها غشاوة .
نعم ارتكب العدوان بحقنا ابشع الجرائم طالت وداعة الطفل وظرف الشباب وحكمة الكهل ، منشئاتنا والبُنى الإرتكازية ومكتسبات الوطن تعرضت للتدمير ، أوعية الدولة الإيرادية اسُتهدفت بشكل ممنهج ناهيك عن تداعيات الحصار الذي يصطاد كل مقومات الحياة ومألآت الوضع الإنساني .
غير ان كل ذلك لن يمنع الملايين الأحرار من ان يلتحفوا بسماء هذا الوطن ويفترشوا عشبه الطاهر منطلقين من عدالة القضية وامتلاك الحقيقة فسطروا اروع صور الثبات والصمود في وجه العدوان ومن يدعمه ويشاركه مشاهد و صور اذهلنا العالم بلوحاتها التي لا تتسعها الكلمات . واسقط الوعي الجماهري والإلتفاف الشعبي كل مخططات العدو ورهاناته وعي حصنه منيع أساسه متين وسياجه عالي . اما ابطال الجيش واللجان الشعبية فلا كلمات ولا سطور تصف ملاحمهم البطولية التي يسطرونها في مختلف جبهات العزة والكرامة فتحية إجلال لرجال الرجال فحين دعاهم الوطن صغرت في أعينهم كل الأشياء وعظمت من خلاله عزة اليمن وكرامة ابنائه الصامد الأبي . اما ترابه الطاهر فقد كان الأغلى والأثمن بالنسبة لهم فلم يبخلوا عليه بدمائهم .
ان كل يمني شريف يؤمن ايماناً مطلقاً ان ما يتعرض له اليمن اليوم من مؤامرات ارضاً وشعباً ومقدرات لابد ان تعمد بالدماء والبطولات وبها ومن خلالها سيتحقق النصر المبين .
اما ما تم تدميره فسيعاد بنائه والتاريخ خير شاهد فمن أقاموا السدود وشيدوا القصور واتخذوا من الجبال بيوتاً قادرين على اعادة ما دمره العدوان الغاشم .
ومهما يكن من امر لا يستطيع احد تغيير إرادة هذا الشعب فالضمير بوصلة المرء وضمير اليمنيين قد قال كلمته لان ترى الدنيا على ارضي وصيا .
ونقول لمملكة ال سعود ومن يقف معهم العبرة في الخواتيم فإذا أراد الله ان يقضي امراً سلب ذوي الطغيان عقولهم ، فمن قراء لآل سعود الطالع أكد لهم ان قادم الأيام لن تبتسم لهم ويزيد من ذلك ما تشهده المنطقة اليوم يسير في غير صالحهم اما العلوم الوضعية ومنها علم العمران فحين نسقطه على الاسرة المالكة نرى انها لن تعمر طويلا ً فطموح ورغبة الأحفاد تتناقض مع الأتراب والحرس القديم من الأمراء بصورة اكثر تعقيداً من ذي قبل .
اما الشاهد الأخير وهو الأهم تتجسد في القوانين الحتمية ( السنن الإلهية ) فثمة ظالم ومظلوم فتدمير سبل الحياة وقتل الأبرياء وحصار البشر وأنات الجرحى وعويل الأرامل لها ما بعدها فدعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب .