شهدت الأسابيع الماضية عملية نزوح كبيرة لمئات الشباب الموريتاني والمغامرين، بحثاً عن الذهب في منطقة تازيازت شمال العاصمة الموريتانية، وسط محاولات الشرطة والدرك منع أعمال البحث العشوائي عن الذهب التي استقطبت أعدادا كبيرة من الموريتانيين.
البحث عن الذهب في المنطقة أصبح حديث الساعة في المجالس والمحلات والأسواق، وبادر كثير من التجار والمغامرين لترك محلاتهم والتوجه نحو "تازيازت"، فالحصول على المعدن النفيس لا يتطلب سوى سيارة وجهاز كشف عن الذهب متوفر في الأسواق بنحو ألفي دولار.
ورغم تضارب شهادات الذين التقاهم "العربي الجديد" عن حجم الذهب الذي تمكنوا من الحصول عليه من عمليات التنقيب، إلا أن الإقبال المتزايد على عمليات البحث عن الذهب يفسر الإغراء الذي تمارسه القطع الصفراء ومردوديتها المالية أيضا.
هجرة أعداد من التجار إلى مناطق "تازيازت" و"تجريت" والمناطق المحاذية لها جعل شركة "تازيازت موريتانيا"، المسؤولة عن التنقيب عن المعادن في المنطقة تستدعى قوات من الجيش والدرك لحماية المناطق التابعة لها من المنقبين الشعبيين.
إزاء هذا، أغلقت المنطقة فى وجه الباحثين عن الذهب، واعتقلت قوات الدرك عدداً من "المنقبين"، كما صادرت أجهزة الكشف عن الذهب، قبل أن تكتفي أخيرا بسحب الأجهزة بعد أن تزايد عددها.
محمد، تاجر عملات في سوق العاصمة نواكشوط، يستعد للدخول في مغامرة البحث عن الذهب، فقد شاهد زملاء له عادوا ومعهم الذهب الذي جنوا منه الملايين خلال أيام.
الشاب الذي فضل عدم الكشف عن اسمه الكامل، قال لـ"العربي الجديد" إن الأمر يستحق المغامرة، وإنه كان مترددا في البداية، خاصة بعد إغلاق الدرك منطقة التنقيب عن الذهب، لكنه الآن قرر أن يذهب هناك ليبحث عن دخل أفضل خاصة أن السوق راكدة، حسب تعبيره.
وعن تقديره لكمية الذهب التي يجمعها المنقبون، قال محمد إن بعض زملائه يعود بعد يومين بنحو 4 كيلوغرامات من الذهب من عيار 24، وأن آخرين يجمعون خلال أيام ما يزيد على 10 كيلوغرامات.
ويؤكد محمد أن بعض العائدين من التنقيب لا يتحدثون عن حجم ما حصلوا عليه، وبعضهم يقول إنه لم يحصل على شيء، خشية منافستهم.
وعن المخاطر التي يمكن أن يتعرض لها المنقبون، يوضح أحمد "أخطر شيء يمكن أن يتعرضوا له هو السرقة، أما الدرك والشرطة فيمكن التعامل معهم بمقابل".
عملية البحث عن الذهب والكمية التي يحصل عليها المنقبون بوسائل بسيطة، سلطت الضوء على الكميات التي تحصل عليها شركة "تازيازت" المملوكة لشركة "كينروس" الكندية، والتي اتهمها بعض المنقبين بنهب ثروة موريتانيا المعدنية. فقد أعلنت الشركة قبل أشهر عن تسريح عدد من العمال لأسباب اقتصادية، قبل أن تقوم بتوظيف المزيد بعد أن بدأ التنقيب الشعبي عن الذهب.
وطالب مدونون ونشطاء موريتانيون بطرد شركة "كينروس تازيات". ويقول الشيخ ولد الحضرامي إنه "لا حاجة لشركة "تازيازت الاستعمارية نحن قادرون على استخراج ثروتنا بالمتاح من الأجهزة البدائية"، وداعياً "فقراء الوطن" القادرين منهم على العمل بالقول:"عندك فرص كبيرة، اذهب إلى تازيازت، وطننا غني بالثروات، لكنه مُستغل من الأجانب والسماسرة".
أما محمد لغظف فقد أكد أن الدولة لديها القدرة على استغلال وتأميم منجمي إكجوجت وتازيازت واستخراج الذهب والنحاس، فالمنجمان يعتبران مجهريين إذا ما قورنا بمناجم أسنيم العملاقة وقدرتها الإنتاجية".
وأضاف لغظف "نرجو من الرئيس أن يبادر شخصياً، فالظروف الدولية تعينه الآن أكثر من أي وقت، والدولة ليست مضطرة للالتزام باتفاقيات تضر بالأمة ومصالحها، حتى لو كانت اتفاقيات طويلة الأمد، خصوصاً إذا كان الطرف الآخر بادر بنقضها منذ أول يوم بالغش والسرقة والتزوير".
العربي الجديد