أعلن الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز أمس «عن تعديل دستوري سينظم قريباً عبر استفتاء شعبي لحسم مقترح واحد هو حل مجلس الشيوخ واستبداله بمجالس إقليمية للولايات الداخلية». جاء ذلك خلال خطاب وجهه الرئيس الموريتاني ظهر أمس للآلاف من أنصاره المتجمعين في مهرجان سياسي في مدينة النعمة عاصمة الشرق الموريتاني.
وأوضح ولد عبد العزيز في خطابه الذي ألقاه بنبرة حادة: «هذا المقترح هو المقترح الوحيد الذي سأقدمه بشأن تعديل الدستور». ودافع عن تصريحات وزرائه التي لمحوا فيها من قبل لزيادة مأمورياته عكساً لما ينص عليه الدستور، فأكد «أن تصريحات الوزراء حول الدستور تصريحات عادية والمعارضة هي التي استفزت الوزراء». وأبقى الرئيس الموريتاني على الغموض المتعلق بتعديل الدستور لفتحه أمام مدد رئاسية إضافية حيث أنه لم ينف أو يثبت عزمه تغيير الدستور لخوض مأموريات رئاسية أخرى لكنه أكد «أنه لن يكون عقبة في وجه الديموقراطية».
وأكد الرئيس الموريتاني «أنه هو من حمى المسار الديمقراطي في موريتانيا من الانحراف خلال الفترة ما بين 2005-2007 بعد أن رفض تولي الرئاسة آنذاك، كما أنه رفض الترشح للرئاسة في انتخابات 2007».
وانتقد «مطالبة المعارضة برحيله رغم أنه رئيس منتخب»، مؤكداً «أن هذه المطالبة تشكل خرقاً سافراً للدستور من طرف المعارضة»، التي أكد أنها ليس الوصية على الدستور لأن الشعب الموريتاني يسد الأبواب أمامها»، «فالشعب يدرك، بحسب قوله، أن المعارضة مشكلة من نفس الوجوه التي حكمت في السابق وفشلت الفشل الذريع».
وكشف ولد عبد العزيز الذي هاجم معارضيه السياسيين بشدة أثناء خطابه، النقاب عن عزمه «إطلاق حوار سياسي مفتوح خلال أسابيع، مرحباً «بأي حزب معارض يشارك في الحوارالمنتظر».
وقال: «ليس للحوار الذي سنطلقه أي حدود فهو مفتوح لمناقشة أي موضوع تطرحه الأحزاب المعارضة المشاركة فيه». وخصص ولد عبد العزيز جانباً كبيراً من خطابه لانتقاد المعارضة وبخاصة «الرافضين للحوار بحجج وصفها بأنها واهية وغير مقنعة». وأكد الرئيس الموريتاني «أن معارضيه منشغلون بالترويج للأكاذيب وبتشويه صورة البلد والمس من مكانته، بينما حكومته منشغلة بحماية الديموقراطية وبتوطيد الحريات الإعلامية والسياسية وبتنفيذ المشاريع التنموية الرائدة».
وسخر ممن سمّاهم «المتشدقين بالدفاع عن الوحدة الوطنية والذين هم مجرد متاجرين بها»، بحسب قوله، مؤكداً «أن الشعب الموريتاني متمسك بوحدته الوطنية وبالإسلام الذي هو الرابط الموحد للشعب والحاضن لانسجامه» ونفى الرئيس الموريتاني وجود الرق في موريتانيا، معترفاً بوجود مخلفاته والتي أكد «أن حكومته عاكفة على محوها».
وانتقد في خطابه «لجوء البعض للمتاجرة بالعبودية للتعويض بذلك عن بعد فقد التوظيف وأكل الأموال العمومية»، مشدداً قوله «بأن الاستثمار في هذه القضايا لن يجدي أصحابه، ولن يفيد المشتغلين به».
ودافع عن منجزات نظامه في جميع المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية مقدما أمثلة على ذلك بينها عدم تأثر موريتانيا بالأزمة الاقتصادية التي اجتاحت العالم. وأكد الرئيس ولد عبد العزيز «أن موريتانيا تعيش الآن وضعاً اقتصادياً جيداً ومريحاً حيث بلغ فائض ميزانيتها السنة الماضية 19 مليار أوقية، رغم الأزمة التى مرت بها دول العالم كافة، كما أنها ضاعفت ميزانيتها مرتين وهو ما أكد أن الدول المجاورة لم تتمكن من تحقيقه».
وتحدث عن دور الشباب ودعا الشباب الموريتاني لتولي مسئولياته لأنه يشكل أكثر من 50 في المئة بين السكان. وأكد الرئيس ولد عبد العزيز «على اهتمام نظامه بالمرأة الموريتانية وبدمجها في خضم الحياة السياسية حيث أن حكومته تضم ثمان نساء». وتحدث عن استضافة بلاده للقمة العربية عما قريب وقال: «لقد أصررت على أن تستضيف موريتانيا قمة العرب ولو تحت الخيام لأن موريتانيا بلد عربي ومن حقها أن تستضيف القمم العربية».
وقال: «سنستضيف القمة حسب وسائلنا وعلى الجميع أن يتفهم ذلك لكن لن نترك القمم تفوت بلدنا وكأنه بلد غير مهم». وأسهب الرئيس الموريتاني في الحديث عن نجاحاته الدبلوماسية فأوضح «أن موريتانيا ترأست الاتحاد الإفريقي الذي لم تترأسه منذ رئاستها له في سبعينيات القرن الماضي، كما أنها شاركت في وساطات إفريقية عديدة».
وضمن تطرقه للقضايا الخارجية نفى الرئيس ولد عبد العزيز «أية علاقة لنظامه مع تنظيم القاعدة أو إبرام موريتانيا لأي صفقة معها، مشدداً» تأكيده على جاهزية الجيش الموريتاني للدفاع عن الحوزة الترابية».
كما نفى الرئيس الموريتاني «قيام نظامه بحرب بالوكالة في شبه المنطقة، مؤكداً «أنه رفض إرسال أي جندى للقتال مع فرنسا في عملياتها العسكرية في مالي سنة 2012».
هذا وتزامنت زيارة الرئيس الموريتاني لمدينة النعمة مع قيام شباب المعارضة بتوزيع منشورات هدفها إفشال الزيارة. وتحدثت مصادر أمنية عن اعتقال ستة نشطاء من شباب المعارضة أثناء قيامهم بتوزيع مناشير سياسية داخل المهرجان. كما تزامن خطاب الرئيس مع بيان احتجت فيه المعارضة الموريتانية أمس على ما سمّته «إقدام السلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية في إجراء غريب الأسلوب والتوقيت والدلالة على حظر إعلان مدفوع مدته أقل من دقيقة واحدة صممه المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة ترويجا لمسيرة السابع من الشهر الجاري المزمعة وبثته بعض القنوات التلفزيونية».
«ونحن إذ نعبّر عن تنديدنا القوي لهذا الحظر الذي يشكل خنقاً جائراً للحريات ومصادرة فاضحة للرأي وتدخلاً سافراً في شؤون وسائل الإعلام الحرة، فإننا، تضيف المعارضة في بيانها، نلفت انتباه الرأي العام الوطني والدولي إلى أنه في الوقت الذي يحظر على المنتدى الترويج لنشاطاته كما يرى، فإن وسائل الإعلام العمومية مسخرة للإعلان عن المسرحية التي يحضر لها النظام في النعمة وأن القنوات والمواقع تغص بالترويج لمبادرات التصفيق والنفاق لرأس النظام دون مراعاة أية قاعدة مهنية ولا أخلاقية، ولا يثير ذلك أي رد فعل من السلطة العليا للصحافة».
«القدس العربي»