قبل أيام من زيارة الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز إلي عاصمة ولاية الحوض الشرقي النعمة راج حديث عن عزم الرئيس تدشين مصنع الألبان - كما راج نفي تدشين- المصنع الذي أعلن عن إنشائه مطلع عام 2011 ، حين افتتح مجلس إدارة بنك التصدير والاستيراد الهندي خط توفير ائتمان لمصنع الألبان المذكور بقيمة 17.8 مليون دولار، بمساهمة من الحكومة الموريتانية بحوالي 2.6 مليون دولار،و يهدف واضعو مخطط مصنع الألبان أن تصل قدرة الإنتاجيه الى 30.000 لتر / يوميا ،و أن يكون بمقدوره توفير الألبان المبسترة.
في خطابه السنوي أمام البرلمان- في بداية يناير 2011 - أعلن الوزير الأول الموريتاني السابق الوزير الأمين العام لرئاسة الجمهورية مولاي ولد محمد الأغظف عن إنشاء المصنع ،حيث قال "في ميدان الصناعات التحويلية لمنتجات التنمية الحيوانية ومشتقاتها، حصلنا على تمويل يبلغ 15 مليون دولار أمريكي سيخصص لبناء مجمع لتحويل المنتجات الزراعية والحيوانية يشمل: وحدة لإنتاج الألبان ومشتقاتها في مدينة النعمة قدرتها 30 ألف لتر لليوم، من بينها 25 ألفا للألبان و5 آلاف لمشتقاتها".
من جديد عاد الوزير الأول السابق للحديث أمام البرلمان وبشكل موجز عن المشروع من دون أن يعطي معلومات عن تقدم الأشغال أو انطلاقها، بيد أنه أضاف هذه المرة مسلخة ومصنعاً لأعلاف الحيوانات.
البدء في أشغال المصنع....
يوم 14 أغسطس 2013 وضع الحجر الأساس للمشروع مصنع الألبان من طرف رئيس الجمهورية، فأكدت قصاصة لوكالة الأنباء الموريتانية ـ الرسمية ـ أن "المشروع يمول على نفقة الدولة الموريتانية بالتعاون مع أحد المصارف الهندية، على ثلاث مراحل تبدأ بالتصميم والدراسات لمدة أربعة أشهر ومرحلة أشغال وتركيب المصنع أربعة عشر شهرا ومرحلة التشغيل التجريبي ثلاثة أشهر".
أوضحت الوكالة الرسمية للأنباء أن كلفته تبلغ أكثر من 17 مليون دولار أمريكي ويضم وحدة مركزية لمعالجة الألبان بالنعمة وثلاثة مراكز لتجميعها في الشامية وبانغو ووركن، وذكرت الوكالة أرقام التمويل من 15 مليون إلى 17 مليون دولار، كما أن فترة الانجاز من تاريخ وضع حجر الأساس إلى تسليم المصنع يجب أن تنتهي في شهر أبريل من عام 2015.
و في مطلع العام الجاري عاد الحديث عن مصنع الألبان في النعمة، حين تحدث عنه الوزير الأول يحي ولد حدمين في عرضه لبرنامج الحكومة أمام البرلمان .
ولد حدمين لم يدخل في تفاصيل الآجال أو التكاليف، غير أنه تحدث عن توقيع اتفاقية إنشاء مصنع آخر للألبان بمدينة بوكي، وإنشاء ثلاثة مسالخ جهوية بمدن روصو وألاك وكيفه، و34 حظيرة تطعيمية في الولايات الزراعية الرعوية.
وعقدت بعثة من وزارة البيطرة برئاسة أمينها العام- بداية شهر أبريل المنصرم- اجتماعا مع المنمين في بلدة الشامية التابعة لمقاطعة النعمة والتي يوجد بها أحد مراكز تجميع الألبان لتزويد المصنع باحتياجاته المقدرة بثلاثين ألف لتر يومياً.
الاجتماع كان فرصة لحث المنمين على بيع ألبانهم للمصنع في ظل الحديث عن صعوبات تواجه المصنع في التزويد جراء عزوف المنمين عن بيع ألبانهم احتجاجا على انخفاض الأسعار، إضافة إلى هجرة المواشي إلى دولة مالي مع بداية موسم الانتجاع.
تأخر في تدشين المصنع...
في الثالث من الشهر الجاري - خلال خطابه أمام سكان ولاية الحوض الشرقي - قال الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز "إن مصنع الألبان في مدينة النعمة سيدشن في هذه الزيارة"، حيث قام ولد عبد العزيز بزيارة تفقدية للمصنع دون الإعلان عن تدشينه رسميا.
وكان مصدر خاص في حديثه مع صحيفة "الناس" الإلكترونية المستقلة قد أكد أن الحكومة ألغت بشكل رسمي تدشين مصنع الألبان في عاصمة ولاية الحوض الشرقي، والذى كان مقررا أن يتم تدشينه خلال زيارة الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز في 3 مايو الجاري.
وحسب المصدر الذي أورد النبأ فإن الأشغال الجارية في المصنع لم تكتمل، رغم التجارب التي تم القيام بها خلال الأيام الأخيرة، والضغط الذى مارسته وزارة البيطرة على الجهة المكلفة بالتنفيذ.
وتوقعت جهات حكومية أن تكتمل الأشغال في مصنع ألبان النعمة قبل عام من الآن، شهر أبريل 2015،غير أن الواقع خلاف لما توقعته تلك الجهات فرئيس الجمهورية غادر مدينة النعمة مساء أمس الأربعاء دون أن يقوم بتدشين المصنع.
رأي في المصنع...
ويقول خبراء في مجال البيطرة لصحيفة "الناس" الإلكترونية المستقلة إن الحوض الشرقي ليس مكانا مناسبا لمصنع الألبان ،و أن الحكومة عموما وخصوصا وزارة البيطرة كان عليها أن تدرس جدوائية المصنع قبل تنفيذه علي أرض الواقع، مضيفين أن الأولى بها تحويله إلي مصنع للحوم.
ويقولون إن وزارة البيطرة قدمت معلومات مغلوطة وغير دقيقة عن مصنع الألبان في مدينة النعمة منها عدم دقة المعطيات المتعلقة بكمية الألبان المنتجة؛ وعدم الأخذ بالحسبان موسمية الإنتاج وتذبذبه؛ و استحالة توفير احتياجات المصنع خارج فصل الخريف، فتواجد هذا الكم الهائل من الأبقار في دائرة قطرها تحدده وعورة الموصلات فالحليب لا يستطيع تحمل عدة ساعات، دون أن يتلف والأبقار تحتاج للمرعي؛ وتجاهل سيادة أنماط الإنتاج المعتمدة علي الانتجاع فالمصنع يصلح لمزارع الحيوان التكثيفية.."علي حد قولهم.
ويضيف الخبراء "أن وزارة البيطرة تجاهلت دروس وعبر تجربة مصنع ألبان لعيون؛ كما تجاهلت أدبيات استغلال الألبان في منطقة الساحل.." .
وعبر الخبراء عن خشيتهم من أن يتحول المصنع من مشروع لإنتاج الألبان وتطوير المنطقة بصفة خاصة، إلي مجرد عبء علي الاقتصاد الوطني بشكل عام، منتقدين بشدة "عجز الوزارة الوصية عن دراسة جدوائية المصنع قبل تنفيذه، والإرباك والحرج الذي تسببت فيه أخطاء وزارة البيطرة لصناع القرار السياسي في البلد.." حسب تعبيرهم.
أحلام المواطنين تتبخر...
وعبر المواطنون بدورهم في أحاديث مع صحيفة "الناس" الإلكترونية المستقلة "عن خيبة آملهم من مصنع الألبان هذا الذي لم يرى النور في عاصمة ولايتهم المعروفة بغنها من حيث الثروة الحيوانية..".
وأضاف المواطنون "أن أحلامهم تبخرت إثر عدم تدشين هذا المشروع الهام في ولايتهم، و أن وزارة البيطرة فشلت في أول اختبار لها بعد فصلها عن التنمية الريفية ،كما أنها فشلت في تنفيذ مشاريع رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز خصوصا هذا المشروع الهام جدا.." علي حد قولهم.
مؤكدين "أن الوزارة عرضت عليهم أسعار غير مناسبة للتر الواحد من اللبن، و أنها عجزت في الحصول علي اللبن خصوصا وأن هذا الموسم ليس بموسمه العادي نظرا لكونه موسم صيف حار، وأن معظم حيوانات الحوض الشرقي انتجعت صوب دولة مالي المجاورة..".
وتشير المعلومات الفنية التي أصدرتها جهات رسمية إلى أن المصنع سيحقق تغييراً كبيراً في الحركة الاقتصادية في المناطق الشرقية من البلاد، إذ يضم خط إنتاج للحليب طويل المدة بقدرة إنتاج يومي تصل إلى ثلاثين ألف ليتر يتم تعليبها بسعة خمسمائة مللتر و250 مللتر.
ويضم المصنع الأول من نوعه في موريتانيا- والذي لم يدشن خلال زيارة الرئيس يومي 3 و 4 مايو الجاري- خط إنتاج للحليب المبستر بقدرة إنتاج يومي تصل إلى 9000 لتر في علب 500 مللتر، وخط إنتاج لبن رائب بقدرة انتاج يومي تصل إلى 10000 لتر، يتم حفظها بسعات متفاوتة؛ وخط إنتاج الزبادي بقدرة إنتاج ألفي لتر يوميا على شكل علب من نوع 200 مللتر إضافة إلى خط لإنتاج الزبدة.
جدير بالذكر أن السلطات المعنية أقنعت صناع القرار في البلد بإنشاء مصنعين جديدين لإنقاذ مصنع الألبان في عاصمة ولاية الحوض الشرقي شرق موريتانيا.