رئيس اللجنة الموريتانية لحقوق الإنسان يدعو إليه ويعتبره لازما
فيما تواصل السلطات الرسمية صمتها إزاء قضية الحوار، وينشغل رئيس الحزب الحاكم بزيارة للحزب الشيوعي الصيني، تجددت أمس في موريتانيا دعوات لتنشيط الحوار السياسي على لسان كل من رئيس اللجنة الموريتانية لحقوق الإنسان، ورئيس منتدى المعارضة.
وأكد أحمد سالم بوحبيني في كلمة سلم بها أمس الرئاسة الدورية للمنتدى المعارض لخلفه صالح ولد حننه «أن الحوار يظل الخيار الرسمي للمنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة، لأنه يشكل الخيار الأسلم والأقل كلفة لحل كل المشاكل السياسية في العالم بأسره وفي موريتانيا على وجه الخصوص».
«لكن الحوار الذي سعيت إليه، يضيف الرئيس بوحبيني، ليس حوار الغالب والمغلوب، بل الحوار الذي يحصّن الشعب والدولة من ويلات التفكك في خريطة عالمية تتصدع كل يوم».
وقال «إن التحديات الجسام المطروحة على موريتانيا، والمشاكل المستعصية التي تواجهها، لا يمكن معالجتها بدون النظر إلى المعطيات الجديدة والمتجددة التي يمكن أن تنسف بموريتانيا من أساسها، فهذا الوضع يتطلب تضحيات جديدة، وأساليب جديدة، لأن مشاكل موريتانيا اليوم ليست مشاكلها بالأمس، ولأن الخريطة الإقليمية اليوم، ليست الخريطة الإقليمية بالأمس، ولأنه ثمة مشاكل جديدة وتحديات جديدة وخريطة جديدة، وبالتالي لا بد من حلول جديدة».
وأكد «أن الحلول التي ينشدها المنتدى المعارض، تتطلب قدراً كبيراً من نكران الذات والحد من الشخصنة، فموريتانيا اليوم لا يهمها أن يصل فلان إلى السلطة ولا يهمها أن يحتفظ بالسلطة فلان، فالمهم بالنسبة لها هو أن تحافظ هي على كيانها، وأن تنجو من الويلات التي تعصف حالياً بشعوب أقوى ودول أعظم».
«كما يهم موريتانيا أيضا، يضيف بوحبيني، أن تجد طريقها إلى النمو كباقي الشعوب، وأن تكفل لأبنائها التعليم والصحة والبنى التحتية والعدالة، وأن تشرك شبابها، المنسي المقصي، في المشروع السياسي وفي بناء المستقبل».
ورد على الانتقادات التي اتهمته بالهرولة لمحاورة النظام خلال رئاسته للمنتدى المعارض فقال «نعم، سعيت إلى الحوار بالفعل، لكن بدون أن أكون ممن يرون أن السعي إليه يعدّ نوعاً من المحاباة والتزلف، بل بالعكس من ذلك، سعيت إليه حرصاً على مستقبل البلاد.. وقد اتضح، في الوهلة الأولى، أنه ثمة من يعرقل الحوار من داخل النظام ومن داخل المعارضة».
وقال «رغم أن مسؤولية إفشال الحوار تعود للنظام وحده، فما زلت أصر على أنه من واجبنا تجاه المعارضة أن نجعلها تفهم بأن لها مشاكلها البنيوية الخاصة بها، وأن لديها نواقصها الكثيرة، وأنها، مثل السلطة، تكره ذكر عيوبها، لقد كنت وسأبقى على قناعة تامة بأن الشجاعة لا تقتصر فقط على مواجهة النظام بقول الحقيقة، بل تعني أيضا مواجهة المعارضة بقول الحقيقة والدفع بها إلى القيام بما يلزم من مراجعات ونقد ذاتي هي في أمس الحاجة له».
وأكد بوحبيني «أن العراقيل البنيوية كانت، منذ أمد طويل، وراء ما عانته المعارضة من ضعف أمام مواجهة الأنظمة، وضعف عن تسيير جماهيرها، وضعف عن إحداث التغيير المنشود، وبالتالي فإن المعارضة لا بد أن تمتلك الشجاعة الضرورية لفهم واقعها وتغييره، وأن لا يقشعرّ جلدها من إبداء الرغبة في تحسين وضعها، وتزيين صورتها، وتمتين جدران فكرها لتكون شريكاً مقنعاً قادراً على بلوغ الهدف».
وأضاف «لا أعتقد أن النضال يكمن حصريا في أن نقول للنظام بأنه ديكتاتوري متعنت، بل يكمن أيضاً في أن نقول للمعارضة أنها فشلت في تجاربها، وأن عجلتها انزلقت عن السكة في جميع المنعرجات الديمقراطية من 1991 إلى الآن، وإن هي لم تقف اليوم وقفة تأمل، فسوف تنزلق عجلتها عن كل المنعرجات الديمقراطية المقبلة كما وقع لها في الماضي.. ولكي لا تنزلق، عليها أن تقبل بأن لديها مشاكل، وأن عليها أن تبادر إلى حلها، وأن عليها أن تقبل بأنها غير منسجمة، وأن تحديات التغيير تتطلب منها الانسجام، وأن تجاربها مع المعارضات المشخصنة كانت مميتة لكل مشاريعنا السياسية الماضية».
ودعا بوحبيني «المعارضة الموريتانية لتوحيد رؤاها، ولانسجام خطابها كي تتمكن من تجسيد طموحات جماهيرها المخلصة».
وقال «إن سعينا إلى الحوار كان أيضا مدعاة لجعل النظام يفهم أنه لم يعد بإمكانه الانفراد بالسلطة، وأنه يتخبط فى أزمة اقتصادية خانقة وأنه مقدم على آخر مأمورية غير قابلة للتجديد، وأن أسْلم ما يمكنه فعله يتجسد في خلق فترة انتقالية، تشارك في تحضيرها جميع القوى السياسية، كي تفوز البلاد بانتقال سلمي للسلطة يضمن للنظام أن يخرج من الباب الواسع ويضمن للمعارضة أن تحقق أهدافها النبيلة، فعهد الديكتاتوريات، حتى الملثمة منها بالانتخابات الشكلية وحرية الإعلام الصورية، قد ولى لغير رجعة، وفجرُ التعددية السياسية غير المزورة قد انبلج». وفي مقال تحت عنوان «هل من حوار؟»، دعا أمين عبد الله الأستاذ في جامعة انواكشوط ورئيس اللجنة الموريتانية لحقوق الإنسان أمس لاستئناف الحوار بين النظام الموريتاني ومعارضته، مؤكداً «أن الحوار يظل أمراً لازماً والتزاماً مستعجلاً، وأن الأمل فيه يظل قائماً رغم العراقيل التي تواجهه».
وقال «بعد وصول الجنرال محمد ولد عبد العزيز إلى الحكم حصلت حوارات لكنها لم تنجح جميعها، ومن بينها اتفاق داكار الذي مكن من تنظيم انتخابات رئاسية 2009، لكن تميز بعدم تطبيق بعض مقتضياته، وكذلك الحوار بين السلطة ومجموعة من المعارضة منضوية تحت لواء (الاتفاق من أجل التناوب السلمي) والذي مكن من تعديلات دستورية ومن تنظيم انتخابات بلدية وتشريعية، وتم الاعتراض على عدم التطبيق الكلي لنتائجه».
وقال «إن قلق الموريتانيين على مستقبل بلدهم، والمشاكل المتنوعة، والركود الاقتصادي، كلها أمور تساعد في إيجاد حل سريع لحوار صريح بغية إرساء موريتانيا الجديدة».
وتوقف أمام مجموعة أسباب يراها معرقلة لتجسيد الحوار المؤمل بينها «عدم صدقية السلطة التي تعلن بأعلى صوتها أنها تريد الحوار لكن لا تبدو صادقة في مسارها، فقد تم وضع نظام مغلق يريد إخضاع وإضعاف جميع القوى السياسية كي يبقى وحده السيد المطاع ، ويجعل اللعبة في صالحه».
وأكد امين عبد الله «أن من بين العراقيل القائمة انعدام ثقة كثير من الموريتانيين في بعض زعماء المعارضة المتهمين بسوابق والذين يعتبرون غير مستقلين فكرياً ولا عملياً».
وخلص الأستاذ امين للتأكيد على «أن الكثيرين في موريتانيا يبحثون عن حوار بناء يتمخض عن نتائج إيجابية وهو ما يستلزم تغيير الزعامات التي لم تعد محلاً للوفاق، وإبدالها بأوجه جديدة».
القدس العربي