معركة دائمة حتمية لاخيار لأحد فيها ولايستثنى منها أحد ؛ معركة مساحتها طول عمر الانسان منذ أن يدركه الوعي وحتى اخر حياته ؛ فالإنسان في صراع مستمر مع النفس والهوى فمتى ما أدرك أمره وكسب المعركة مع نفسه فأن مصيره ما قاله الله عز وجل في محكم كتابه « وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى »
وعلى ماذكر من معنى للأية الشريفة فإن أكبر وأصعب إمتحان كتبه الله تعالى على الإنسان في هذه الحياة هو إبتلاء الإنسان بنفسه، على أساس نجاح الإنسان وتفوقه في هذا الإمتحان يكون موقعه عند الله، ومستقبله الدنيوي والأخروي . . من هنا كانت المعركة مع النفس أشق وأخطر معركة يخوضها الإنسان في حياته .
ولهذا كان النبي محمد صلى الله عليه واله وسلم وهو يحث ويؤكِّد على الجهاد الأكبر جهاد النفس:وحسب ماذكر في المحاضرة {27} من بحث : "وقفات مع.... توحيد ابن تيمية الجسمي الأسطوري"للصرخي الحسني قائلاً(..النبي يربي أصحابه على جهاد النفس.. فعن مولانا أبي عبد الله الصادق عن جدّه أمير المؤمنين (عليهما السلام): أنّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) بعث سَرِيَّة ، فلما رَجَعوا قال (صلى الله عليه وآله وسلّم): {مرحبًا بقوم قضوا الجهاد الأصغر، وبقي عليهم الجهاد الأكبر} ، فقيل: يا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وما الجهاد الأكبر؟ قال (صلى الله عليه وآله وسلّم): {جهاد النفس}]]. وعنه صلى الله عليه واله وسلم قال ("جاهِدوا أهواءَكم تملكوا أنفسكم")
فالنفس هي محور الأخلاق فإن هذبت حسنت الأخلاق وإن تركت على هواها فلن يكبح جماحها حينئذ أحد ؛ ولهذا حذر منها اهل البيت عليهم السلام فعن امير المؤمنين علي عليه السلام قال (النفس الأمارة تتملق تملق المنافق، وتتصنع بشيمة الصديق الموافق، حتى إذا خدعت وتمكنت تسلطت تسلط العدو، وتحكمت تحكم العتو فأوردت موارد السوء")..
ولهذا أكــد الإسلام على أهمية تهذيب النفس وانتزاع الضغائن والمفاسد منها، وسمي تهذيبها بالجهاد الأكبر لأن جهاد الأعداء في سبيل الله وهو الجهاد الأصغر ما كان ليوجد لولا الجهاد الأساسي لهذه النفس النزوعة إلى الراحة والكسل والخمول وترك الفرائض.
هيام الكناني