عادة وبإي شكل من الأشكال فإن الانسان لايستغني عن الجسد ماظل في قيد الحياة؛ فهو وسيلته العتيدة لتحقيق رسالته في المعاش والمعاد ؛ ولاعجب ان الاسلام يتوفر لحمايته وصيانته حتى الممات ؛ وله ان يطعمه بما لذ وطاب من الطيبات التي منحها الله للانسان في هذه المعمورة ؛ وحذره بالابتعاد عن الخبائث والمسكرات وأن يتجنب السرف المؤذي وأن يتحرز من الاقذار والأمراض
وهنا ليس المقصود عبادة الجسد أنما الغرض وضع الامور في مواضعها وان ولانخرق أو نخرج قوانين الفطرة التي سنَّها الله لحمايتنا ..فالتدين الحقيقي ليس جسداً مهزولاً من طول الجوع والسهر لكنه جسد مفعم بالقوة التي تسعفه لاداء الواجبات ؛مفعم بالأشواق الى متاع الحياة ؛ان كان حلالاً طيباً ارتفقه وتنّعم به وأبتهج ..
اذا كان عالمنا يعيش ضوائق روحية معنته ؛ فالعلاج ليس شجب التقدم وانما جعل هذا كله في وصايا ايمانية ممدودة المفهوم ؛ رحب الدائرة يّؤمن بالانسان عقلاً وباطناً ؛ ويستمد ايمانه من معرفته بالله واستمساكــه بهداه ؛
ان نشدان اليقين غاية يسعى اليها الجميع ولا ينالها الا ذو حظ عظيم من الايمان والقرب الالهي والذود بالنفس للوصول الى ارقى مستوى من التذلل لخالقها لاسعاد نفسها ؛ ولنتأمل معاً بعض من آيات الله التي تجمع الرذائل الفكرية والنفسية وتحذر من الوقوع فيها قال تعالى (قتل الخراصون * الذين هم في غفــلة سـاهـون*يسألــون أيان يوم الدين)وهذه الصفات التخرص الانغماس في الغفلة والسهو عن الواقع ومثلها غفلة الحواس وذهولها فكم من حاضر الجسد غالب اللب وهكذا ؛المر ءالمغبور بصور مادية ومعنوية معينة قلما يخرج من محبسه ليدرك مشاهد اخرى للحياة أو جوانب من الحق لايحسها الا ان تدركه اقدار حسنة فينتج ان يعرف ماكان يجهله ؛ ولا بأس بان نستذكر قول ورأي احد دعاة الدين والعقيدة الحقة وهو يصف احوال خواص المؤمنين الذين تداركتهم العناية الالهية واخرجتهم من حجب الظلام حيث يذكر المرجع الصرخي الحسني في بحثه "النور والظلمات"
(خواصّ المؤمنين ؛وهؤلاء يخرجهم الله تعالى من ظلمات الصفات النفسية والجسمانية إلى نور الروحانية الربّانية فتطمئنّ قلوبهم بذكر الله تعالى ومعرفة العلوم الإلهية ، ولا يحصل الاطمئنان إلا بعد تصفية القلب عن الصفات النفسانية والجسمانية وتحليته بالصفات الروحانية، فعندما يستولي سلطان المعرفة الإلهية على نفس المؤمن وقلبه ، تنورت نفسه بنور الذكر وخرجت عن ظلمة صفاتها فتبدلت أخلاقها الذميمة بالحميدة، فيكون اطمئنانها مع العلوم الإلهية وذكر الله تعالى بدل ما كان مع الدنيا ، فتستحق حينئذ أن يخرجها الله تعالى بخطاب ( يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك ) أي من ظلمات الصفات غير المرضية إلى نور صفة (راضية مرضيّة ) (فادخلي في عبادي ) أي في مقام خواصّ عبادي.)
فــما ألطف تلك العناية الآلهية التي شملتهم بها ؛ حتى جعلتهم ارجح عقلاً وأصوب علماً؛ فأن معيشة الاستقامة التي يعيشونها تجعلهم اهدى سبيلاً واقوم قيلاوتجعل قدرتهم على قيادة الحياة أشد ؛ وبصيرتهم في مشكلاتها أشد .
هيام الكناني