صحيفة “تايمز″ رأت في افتتاحيتها أن قرار ترامب الاعتراف بالقدس كعاصمة للاحتلال الإسرائيلي لا يعني أنه مهتم بالحل قدر اهتمامه بالمتبرعين الكرماء لحملته الانتخابية، ومنهم من دفع 25 مليون دولار بشرط أن تقوم الولايات المتحدة في ظل إدارته بالاعتراف بالقدس كعاصمة للدولة اليهودية. مشيرة إلى أن الموضوع هذا لا يعتبر أولوية حتى داخل الحكومة الإسرائيلية.
وبرغم أن أحدا لا يمكنه اتهام الرئيس بالجبن، إلّا أن الشجاعة التي أبداها ولم يبدها الرؤساء من قبله قد تكون في المكان الخطأ. وتشير هنا إلى القائمة الطويلة التي انتقدت قراره ومن بينها مصر والأردن والسعودية التي قال ملكها إنه يؤثر في التسوية النهائية.
وتقول الصحيفة إن تصريحات الملك متوقعة لكن في السر فقد تطورت علاقات قريبة بين جارد كوشنر، صهر الرئيس والمسؤول عن ملف المحادثات مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وعبدت العلاقات الطريق لاحتواء أي احتجاج على القرار في الشارع العربي وفي المناطق المحتلة.
ودفعت الولايات ثمن القرار بحيث لم تعد الوسيط النزيه في المفاوضات وتراجع تأثيرها بالمنطقة لمصلحة روسيا. وتفوقت هذه على واشنطن كوسيط نافذ في سوريا. وتشير الصحيفة في افتتاحيتها أن الرئيس ترامب يحب أن يقول إنه يحب أن يرث أطفالنا منا الحب لا النزاعات. وهي عبارة جميلة ومن الملاحظ أنه فعل ليلة الأربعاء ما لم يفعله أسلافه في الشرق الأوسط من أجل حل نزاعاته المتعددة.
وهو يأمل أن يؤدي نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس إلى وقف الفشل، وهذه أحلام العبث.
وقالت إن إعلانه يمزق فصلاً معروفاً في السياسة الخارجية الأمريكية. حيث قال إنها خطوة متأخرة للاعتراف بالواقع وستعمل على تعزيز فرص السلام. مشيرة إلى دوافعه المرتبطة بوعوده التي قطعها في الحملة الانتخابية. وتقول إن ترامب يهتم بوعوده وهذه ليست المرة الأولى التي يعطي فيها الأولوية لقاعدته المحلية ويقدمها على الشؤون الخارجية حتى على حساب إثارة مخاوف الحلفاء الاستراتيجيين.
وتعرف المكسيك هذا من خططه لبناء الجدار على حسابها. وكذا محاضرته الأسبوع الماضي على تيريزا مي حول التطرف الإسلامي من رئيس مصمم على تفعيل حظر سفر المسلمين إلى الولايات المتحدة. وقالت إن هذا الموقف عزز من موقفه كسياسي في الولايات المتحدة لكنه لم يعزز موقفه كرجل دولة على المسرح العالمي.
وترى الصحيفة أن هناك بالتأكيد رأي من أجل البحث عن مدخل جديد للعملية السلمية بين الإسرائيليين والفلسطينيين خاصة أن كل ما جرب خلال الـ 20 عاماً الماضية لم يؤد إلى نتائج. ومن الناحية العملية فتقديم ترامب لإسرائيل الهدية التي ترغب بها من دون الحصول على تنازلات منها للفلسطينيين لن يحرك العملية السلمية. فقد تم الاعتراف بالقدس الشرقية على أنها أرض محتلة منذ عام 1967.
وترك ترامب الفرصة مفتوحة لأن تكون عاصمة للدولة الفلسطينية. وترى الصحيفة أن الانخراط الأمريكي في الشرق الأوسط مهم. ولاحظ كوشنر أن “عمه” فاجأ العالم عندما انتخب وقد يفاجئه في موضوع إسرائيل.
ويعتمد هذا على الوضع الجيوسياسي المتحرك بالمنطقة. كما أن صعود إيران والقتال ضد تنظيم الدولة والحرب في اليمن وكذا سوريا وضعت النزاع الفلسطيني- الإسرائيلي بمنظور جديد.
ولم تعد القضية الفلسطينية الموضوع العربي الأهم وليس لدى الفلسطينيين الشهوة لانتفاضة ثالثة. كما أن توقعات إسرائيل بحدوث تقدم في المحادثات يمكن بسهولة تجاوزها.