طالما نزل الأمير الوليد بن طلال في فندق “ريتز كارلتون” لمباشرة الصفقات الاستثمارية التي تمتد فروعها في مختلف دول العالم، حتى كان ليل الرابع من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، حين اختلفت طبيعة النزول بالفندق.
ربما تختلف الروايات حول طريقة إحضار الأمراء إلى الفندق، ما بين ترجيحات بالقبض عليهم في منازلهم أو استدعائهم لاجتماع طارئ مع ولي العهد، لكن الحقيقة الواقعة أن الوليد الذي يبعد بيته من الفندق بحوالي 10 دقائق بالسيارة كان بين النزلاء.
ورغم أن أسماء المحتجزين، جميعها ثقيلة ولها شأنها على المستوى الاقتصادي والاستثماري، فإن الوليد الذي يوصف بأنه إمبراطور الإعلام كان أكثرهم إثارةً للرأي العام العالمي، ولا يزال.
كانت توقعات المحللين والمصرفيين —وما زالت- تشير إلى تأثر بيئة الاستثمار في السعودية باعتقال الملياردير، محذرين من أنها قد تخيف المستثمرين من الدخول إلى المملكة.
لم تظهر مؤشرات على ذلك حتى الآن، خصوصًا مع انفراد “رويترز” بأخبار حصرية عن مخاطبة شركتي “أمازون” و”أبل” العالميتين للسلطات السعودية، للدخول إلى السوق السعودي.
لكن ما جاء عكس توقعات الجميع، هي ردة فعل أصدقاء الملياردير، الذين طالما وقف الوليد إلى جوارهم في أزماتهم، “على مدى أكثر من ربع قرن، وفق ما قاله الصحفي إريك شاتزكر الذي استغرب تخلي الجميع عنه في وكالة “بلومبرغ”.
التقرير قال إن صمت أثرياء العالم عن وضع الوليد يعكس حقيقة قاسية: “بقدر ما يريد أصدقاؤه وشركاؤهم من رجال الأعمال دعمه علنا، فإنهم يشعرون بالقلق من أن ينظر إليهم على أنهم ينتقدون الحملة السعودية وولي العهد الأمير محمد بن سلمان”.
تعددت الشكوك والتخمينات حول السبب الحقيقي للقبض على الوليد، منها عداؤه للأمير محمد واعتراضه على توليه ولاية العهد، لكن تغريدة الوليد التي أعلن فيها مبايعته لابن سلمان، تنفي ذلك.
تخللت فترة الاحتجاز إثارة ألغاز غامضة، مثل ما تناولته عدد من وسائل الإعلام بشأن بيعه حصّته في شركة “فوكس” التي ظل مساهما فيها نحو 20 عاما، ليتركها تحت هيمنة قطب الإعلام روبرت مردوخ، في صفقة غير معلنة، وقبل الاحتجاز.
اللغز الآخر، الذي يثيره أحد المقربين من الأمير، هو: “إذا كان الأمير متهمًا بالفساد، فكيف منحته الحكومة الإذن بتوقيع اتفاقية مع بنك كريدي أجريكول كوربوريت آند انفستمنت لشراء 16.2 % من الأسهم التي يملكها في البنك السعودي الفرنسي بسعر 29.5 ريال للسهم بقيمة إجمالية للصفقة 5.760 مليار ريال نحو 1.5 مليار دولار، فقد كانت الصفقة (التي أبرمت في 12 أكتوبر/تشرين الأول الماضي) تتطلب موافقة الهيئات الرقابية التي كان من المؤكد أنها كانت على علمٍ بما سيقع، فضلًا عن أن ولي العهد أكد في حواره للسيد فريدمان أن الحكومة كانت تعمل على قضايا الفساد منذ عامين”.
ثم كشفت وكالة “بلومبيرغ” الأمريكية، عن صفقة استثمارية عقارية “سرية”، بين الملياردير السعودي الوليد بن طلال، وحمد بن جاسم آل ثاني رئيس الوزراء القطري السابق.
تقترب فترة الاحتجاز من إتمام الشهرين، في الوقت الذي نقلت فيه صحيفة “وول ستريت جورنال” عن مصادر مطلعة، أن السلطات السعودية اشترطت دفع الوليد ما لا يقل عن 6 مليارات دولار أمريكي، لتحريره، أو 7 مليارات كما تقول “التايمز”.
لكن وسائل إعلام أخرى قالت إن الوليد يرفض أي تفاهم مع المحققين ويطالب بمحاكمة علنية، زاعمة أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وضع نفسه في ورطة كبيرة.
ونقلت صحيفة “رأي اليوم” الإلكترونية، عن مصادر مطلعة، أن الوليد نُقل إلى المستشفى خلال الأسبوع الماضي لتلقي العلاج بسبب الإرهاق الذي يعاني منه للساعات الطويلة من التحقيق وعدم النوم قبل إعادته مجددًا إلى السجن الذهبي في فندق “ريتز كارلتون”.
ونشرت صحيفة فايننشيال تايمز البريطانية، تقريرا تقول فيه إن ما يؤخر التسوية حتى الآن هو رفض الوليد دفع المبلغ نقدًا.
“وفي الوقت نفسه، فإن عددا قليلا جدا على استعداد للحديث علنا. إذ يقول البعض إنهم مترددون في دعم الوليد، في وقت لا يزال سبب اعتقاله غير معروف. ويقول آخرون إنهم يخشون فقدان فرص العمل في المملكة”.