في تصريح غريب لرئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في الآونة الأخير و الذي كشف فيه عن علمه المسبق بالأيادي التي تلطخت بدماء العراقيين الأبرياء الذين ذهبوا ضحايا لجرائم داعش بعد سقوط مدنهم تحت سيطرة هذا التنظيم الضال ، فلا نعلم أحقاً أن العبادي يعلم بخفايا و مقدمات دخول داعش و احتلاله العديد من مدنه الكبرى ؟ و مَنْ مهد له الطريق كي يتم بسط سيطرته على أجزاء واسعة من كبريات المدن العراقية ؟ فإن كانت تصريحه تلك بمثابة دعاية انتخابية أو لعبة سياسية جديدة فتلك مصيبة ، و إن كان حقاً مثلما يصرح و يقول فتلك المصيبة أعظم ، حكومة تملك الأدلة و الملفات التي تدين كبار الفاسدين و حقيقة الأدوار التي لعبوها و تسببت فيما بعد بسقوط الموصل و غيرها بيد التنظيم دون أن يحرك ساكناً !! إنها طامة كبرى ، رئيس حكومة يملك الوثائق التي تطيح برموز السياسية الذين ادخلوا البلاد في دوامة الأزمات المفتعلة وهو لا يحرك ساكناً !! فماذا ينتظر العبادي يا ترى ؟ هل يريد من وراء تصريحاته هذه عقد صفقات انتخابية مع الفاسدين يجني من وراءها الأموال الطائلة و يحقق المكاسب السياسية التي يسيل لها اللعاب و طبقاً لقانون ( طمطملي و طمطملك ) ، أم أنه يسعى لحجز كرس له في حقائب الحكومة المقبلة لا نعلم و الله تعالى هو العالم بالأحوال ، حال البلاد لا يبشر بخير بل ينذر واقع مرير ومن سيء إلى أسوء و الطبقة السياسية في صراعات تارة و تجاذبات و اتفاقيات تارة أخرى تجري خلف الكواليس و كل منهم يغني على ليلاه أما الشعب و حقوقه و امتيازاته التي شرعتها سنن السماء و الأعراف الدولية أصبح كالذين قالوا لنبيهم ( عليه السلام ) اذهب أنت و ربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون ، ساسة فقدوا كل الأخلاق و القيم الإنسانية النبيلة و أصبحوا كالذئاب المتوحشة التي لا همَّ لها سوى ملئ بطنها و الحفاظ على وجودها في عالم يشهد الصراعات متكالبة على السلطة و البقاء المهم البقاء للقوى و الأكثر مكراً و دهاء هذه هي حكومة العراق و كل مَنْ سار بركابها الفاسدة ، فالعبادي يدرك جيداً مخاطر اللعبة التي يدور في فلكها ، وهو أيضاً على يقين تام أن خصمائه السياسيين يتربصون به شراً كي يتم الإطاحة بحكومته إن لم نقل به حصراً عندها سيدرك مخاطر كرة النار التي يحملها بين يديه ، فهو الآن بات يقف على مفترق طرق لا ثالث لهما فإما يفي بوعوده و يتثبت صحة و مصداقية تصريحاته الرنانة و أنه فعلاً أهلاً للقضاء على الفساد و الاقتصاص من الفاسدين و إعادة الأموال المسروقة و المهربة للخارج وهذا ما نتوسمه فيه حينها فقط سيترك له موقفاً و تاريخياً مشرفاً و سيدخل التاريخ من أوسع الأبواب ، و إما إن كانت ورقة انتخابية و عملية التفاف على الشعب فهذا ليس بالغريب على هذه الوجوه الكالحة المغبرة السوداء لفسادها و إفسادها الذي أزكمت روائحه النتنة أنوف الجميع ، الكرة الآن في ملعب العبادي و الكلمة الأخيرة باتت بكلتا يديه و التاريخ يشهد و لا يترك صغيرة و لا كبيرة إلا دونها فكم من الرجالات التي نقشت مواقفها المشرفة بأحرف من نور و تركت بصمتها واضحة للعيان ؟ وكم من أشباه الرجال الذين كانوا و لا يزالون وصمة خزي و عار فكانت نهايتهم في خانة اللعنات و سعير الدنيا و أليم عذاب الآخرة ؟ .
بقلم // الكاتب و المحلل السياسي سعيد العراقي