الحرب السياسية القادمة

خميس, 01/11/2018 - 17:52

إن التنافس السياسي والحزبي أمراً مشروعاً، تعمل عليه جميع الأحزاب والحركات والتيارات السياسية، من اجل الوصول للسلطة, والسيطرة على هرم الدولة وإدارتها، فيجب ان يكون التنافس تنافساً شريفاً، الغاية الاساسية منه بناء الدولة، وحماية مصالحها السياسية والاقتصادية وتقديم الخدمة الحقيقية للشعب، لا من اجل الهيمنة على مقدرات البلاد لخدمة المصالح الحزبية والشخصية والفئوية، لتصبح البلاد ضيعة من ضياع الحزب الحاكم يتصرف بها كيف ما يشاء.

 
فالصراعات السياسية والتنافسات الانتخابية، ليست أمراً جديداً ابتكره ساسة العراق، بل هي سياسة يعمل عليها كافة سياسيي العالم، مع هذا يجب ان تكون ضمن الأُطر والمعايير الصحيحة التي تبنى عليها السياسة، لا المعايير التي تضعها الأحزاب والكتل والتيارات السياسية، بمختلف انتماءاتهم القومية والمذهبية، أما في العراق فكل شيء مختلف ويسير عكس اتجاه التيار, ومخالف لقواعد العمل السياسي والحزبي، وهي محاولة لسيطرة الأحزاب على السلطة والهيمنة على مقدرات البلاد, والاستحواذ الكامل على القرار السياسي، الذي من خلاله يمكنها ان تخدم فيها مصالحها الشخصيّة والحزبية، بعيداً عن خدمة المواطن الحقيقية وحماية الدولة امنياً واقتصادياً ومجتمعيا،ً وأضحت حرب إعلامية تسقيطية، هدفها الاول هو الكسب السياسي والحزبي، والإطاحة بالخصوم والنيل منهم وتحجيمهم سياسياً ومجتمعياً.

إن الديمقراطية التي شَهِدها العراق ما بعد التغيير، هي ديمقراطية منقوصة, ديمقراطية فاشلة أخذت تجر الجمهور الى الطرق والأيدولوجيات الخاطئة، لتصبح عبارة وباء أصاب غالبية المجتمع، جعلهم يتخذون من مواقع السوشيال مديا الأداة التي يعبرون من خلالها عن حرية مكذوبة، حرية سلبتهم الدين والاخلاق والقيم والمبادئ الصحيحة، حرية أضحت كالسهام المسمومة لا تستثني أحداً مهما كان شأنه وعلت مكانته، تستهدف وتسقط وتنال كل من يكون في مرماها، بالصدق والكذب, بالحق والافتراء.

سنرى  في المراحل القادمة تفاقم تلك الصراعات، وسنشاهد المديات التي سوف تصل اليها، من خلال اشتعال مواقع التواصل الاجتماعي بالحملات التسقيطية الممنهجة، التي ستطال الجميع بكل قومياتهم وتوجهاتهم، عندها ندرك جيداً حجم الأموال التي ستنفق لأجل ذلك، والى أي المراحل ستصل اليها تلك الحملات الاستهدافية، وسيكون الأكثر إمكانية مالية هو الأكثر جيوشاً إليكترونية، وحسب ما موجود حالياً ومن خلال قراءات سابقة سيكون الأكثر تعرضاً للهجوم هو (عمار الحكيم) وتياره الفتي, يليه رئيس الحكومة الحالي (حيدر العبادي) والمؤيدين له من حزبه, اذا ما اصر على خوضه الانتخابات في كتلة مستقلة، بعيداً عن كتلة دولة القانون، يليه (مقتدى الصدر) وكتلته الجديدة (كتلة الاستقامة) وتياره الذي سيتبعثر بعدما ارغم جميع من هم في البرلمان والحكومة على عدم الترشيح في الانتخابات القادمة، هذا المر بالنسبة للكتل والاحزاب الشيعية.

 

ناهيك عن والاحزاب والحركات السنية، فما زال الصراع قائماً بين (سليم الجبوري) و(خميس الخنجر) و(جمال الكربولي)، فلكل واحد منهم جبهته الخاصة به، اما عن جبهات الاكراد فما زال الاكراد في صراعهم القائم من اجل اثبات الوجود للبعض، وبين من يريد اعادة مواقعه السياسية السابقة، وبين من يريد النزول بمفرده لخوض الصراع.

 

فهذا التشتت والتشرذم داخل الاحزاب نفسها، كفيل بإشعال مواقع التواصل الاجتماعي، بحملات التسقيط الشخصية والحزبية، ولن ينجو منها احداً وهذا ما سنراه في الايام القادمة، فالجميع يبحث عن اثبات وجودة، في ضل تلك الصراعات الحزبية الدائرة ومنذ التغيير الى اليوم، وسيكسب تلك الحرب الاعلامية من يملك المال الاكثر، ومن يستطيع من ادارة بوصلة الاعلام بالاتجاه الذي يريده، فالشعب العراقي يتأثر بالأعلام اكثر مما يتأثر بالبرامج الانتخابية التي ستقدمها بعض الاحزاب في حملاتها الانتخابية.

رضوان العسكري

Share

أخبار موريتانيا

أنباء دولية

ثقافة وفن

منوعات وطرائف