دائما ما نجد هناك خلاف واقع أو يقع بين أقوال ابن تيمية وبين الروايات الموجودة في صحيح البخاري على الرغم من أن ابن تيمية قد بنى آرائه ومعتقداته على البخاري حتى قال عن هذا الكتاب بأنه أصح كتاب تحت أديم السماء بعد القرآن وهذا يعني إن كل ما جاء فيه من روايات وأحاديث هي صحيحة بدون أدنى شك – وهذا حسب رأي ابن تيمية قبل غيره – ومع هذا نجد ابن تيمية يخالف الصحيح ... وهنا لنا مثال آخر في ما يخص مسألة تشبه الجن أو الشياطين بصورة النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " ....
حيث نجد إن ابن تيمية يثبت تشبه الشيطان بصورة النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " وذلك بحسب ما قاله في مجموع الفتاوى الجزء الثالث عشر في الصفحة 71 ، حيث قال (( فمن هؤلاء من يسمع خطاباً أو يرى من يأمره بقضية ويكون ذلك الخطاب من الشيطان ويكون الذي يخاطبه الشيطان وهو يحسبه أنه من أولياء الله من رجال الغيب ، ورجال الغيب هم الجن وهو يحسب أنه انسي وقد يقول له أنا الخضر أو إلياس بل أنا محمد أو إبراهيم الخليل أو المسيح أو أبو بكر أو عمر أو أنا الشيخ فلان أو شيخ فلان ممن يحسن الظن بهم وقد يطير به في الهواء أو يأتيه بطعام أو شراب أو نفقة فيظن هذا كرامة بل آية ومعجزة تدل على إن هذا من رجال الغيب أو من الملائكة ويكون ذلك شيطان لبس عليه ..))...
وهنا نجد ابن تيمية قد اثبت أن الشياطين يمكن لها أن تتشبه بصورة النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " وهذا يخالف ما جاء في الحديث الصحيح في البخاري الذي رواه عن أبي هريرة في كتاب التعبير في باب من رأى النبي في المنام ... الحديث رقم 6993
(( حدثنا عبدان أخبرنا عبد الله عن يونس عن الزهري حدثني أبو سلمة ( أن أبا هريرة قال : سمعت رسول الله " صلى الله عليه وآله وسلم " يقول : من رآني في المنام سيراني في اليقظة ، ولا يتمثل الشيطان بي .))...
وفي هذا الحديث نجد إن النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " يثبت إمكانية رؤيته في المنام وفي اليقظة وفي الوقت ذاته ينفي تشبه الشيطان به بكل الأحوال ، وهذا خلاف ما قاله ابن تيمية بأن الشيطان يأتي بصورة الأنبياء وذكر مجموعة منهم ومن بينهم النبي " صلى الله عليه وآله وسلم "وهو بذلك يخالف قول النبي وصحيح البخاري من أجل التدليس والتحريف...
وهنا أمام أتباع ابن تيمية أما القول بصحة الحديث وهذا يبطل رأي ابن تيمية ويصبح رأيه باطل جزماً لمخالفته الحديث الصحيح أو إنهم يقولون بصحة رأي ابن تيمية وبشكل يبطل الحديث الصحيح وهذا يعني أن البخاري ليس صحيحاً وهو بالوقت ذاته يبطل رأي ابن تيمية بأن البخاري أصح كتاب بعد القرآن ، فأن رجحوا الرأي الأول وهو الأسلم لهم فهذا يعني إن أسطورة وخرافة شيخ الإسلام والعلامة والحافظ هي هباءً منثوراً لأنه قد خالف الصحيح والحديث الصحيح وأساء للنبي " صلى الله عليه وآله وسلم " بقوله بتشبه الشياطين بصورة النبي بينما النبي ينفي ذلك جملة وتفصيلاً لا في المنام ولا في الحقيقة.
وهذا الأمر الذي فيه مخالفة لابن تيمية لصحيح البخاري ليس الوحيد كما أوضحنا بل في موارد عدة ومنها ما بينه المرجع المحقق الصرخي في المحاضرة السادسة من بحث " وقفات مع توحيد ابن تيمية الجسمي الأسطوري " حيث قال :
{{... رسول الله خاتم الأنبياء والمرسلين تنام عينه لكن لا ينام قلبه أبدا – هذا في البخاري - فما شاهده فقد شاهَدَه بقلبه بعلم اليقين وعين اليقين وحقّ اليقين، فإذا قال شاهدت ربي شابا جعدا أمرد فقد شاهده كذلك يقينا- رأي ابن تيمية - وإلا فتسقط كل روايات تنام عينه ولا ينام قلبه حتى من مسلم والبخاري، أو يضطرون للتأويل وحسب أهوائهم ومشتهياتهم في الوقت الذي يكفرون من يقول ويلتجئ للتأويل ويبيحون دمه وعِرْضَه ومالَه وكما يفعلون الآن من إرهاب وتفجيرات وقتل تحت عناوين التكفير والارتداد والتأويل والتصوف والرفض وغيرها من عناوين وافتراءات باطلة...}}.
المحاضرة رقم 6 من بحث "وقفات مع .. توحيد التيمية الجسمي الأسطوري"...
بقلم نوار الربيعي