عندما كنت صغيراً أتابع مباراة كرة القدم؛ أرى اللاعبين يأدون ادوارهم بقدر إمكانياتهم، والمدرب بين الصمت وتقديم التوجيهات من خلف الحزام الاخضر، والجمهور الاكثر فاعلية من خلال التشجيع، والاكثر فاعلية من بين الجمهور رئيس المشجعين، الذي كنت اعتقد إن الدوافع الوطنية والروح الرياضية، هي التي تدفعه لإداء تلك الفعاليات الحماسية.
لكن عندما كبرت؛ عرفت إن رئيس المشجعين لم يؤدي ادواره من روح رياضية وليس لديه دوافع وطنية، إنما يتقاضى راتبه من الفريق الذي يشجعه، وما فعالياته الا بتوجيه من رئيس النادي صاحب الفضل عليه، هكذا (غالب الشاهبندر وسليم الحسني) اللذان حينما تقرأ كتاباتهم تبهرك بعمق تحليلها، وخفايا ما فيها، ولكن الحقيقة النزعة الحزبية والحالة المادية؛ هي التي تتحكم في أقلامهم.
قبل عام تهجم جهاراً (مستر سليم حسنى) على السيد الحكيم في مقال وضيع، متجاهلاً إن (الدنيا دوارة) وإن ما حدث في العراق، هو بسبب (حزب واحد ورجل واحد) وهذه الحقيقة لا يمكن تحريفها، وكأنما يردون كتابة التاريخ للأجيال القادمة بأيديهم، كما كتبه الامويين قبل 1400 عام، لكن نقولها ونؤكد، ما حصل قبل 1400 عام لن يحصل، وستطلع الاجيال على الحقائق.
ما يثير الاستغراب؛ إن الرجل حيدر العبادي من اعمدة حزب الدعوة، واصبح رئيساً للوزراء، وطامحاً بولاية ثانية، ونجح باستعادة الاراضي العراقية بعدما فقدت في عهد سلفه، وحافظ على الميزانيات مع قلتها، وجسر علاقات وطيدة وطنياً واقليمياً ودولياً عكس ما سبقه، الذي ما كان يملك سوى مقولته المشروخة: (هناك مؤامرة ضدي)، ولكن لم نجد الشاهبندر والحسني يمجدون العبادي كما يمجدون صاحبهم.
الاقبح من ذلك، انهم اكثر الجمهور السياسي تشجيعاً لمن جلس على كرسي الاحتياط منذ اربع سنوات بسبب فشله في اللعبة السياسية، لخرجوا علينا بكلمات من فحوى كلام (قائدهم الضرورة) بتهجم واضح على السيد الحكيم، وما يلفت النظر توجيه اتهامات بعيداً عن الواقع، فلم يكن الحكيم شريك في رسم سياسة الدولة، وليس لديه وزيراً فاشلاً، ولم يقدم سيدهم عبطاناً كعبطان الحكيم.
ومن المعيب؛ إن يتهموا الحكيم بأنه سبب في ارتفاع اسعار الادوية -حسب قولهم-، في الوقت العراقيين والعالم يتابع عن كثب التحالفات التي ترسم مستقبل البلاد، ليعطوا تصورات خاطئة للتأثير في أذهان الناس، بينما لم يتطرقوا لأسوى تحالف بتاريخ العراق المعاصر، والذي وقع في اربيل على شروط سيحفظها التاريخ؛ إنها السبب فيما يقال: (فشل الاسلام السياسي -الشيعي- في ادارة حكم العراق).
لذا نقول؛ إن تعالي الاصوات من خلف كيبورد الحاسبات؛ ليس لدوافع وطنية ولا حالات انسانية، لكن يبدو إن رئيس الفريق دفع لهم كثيراً، ما جعلهم متحمسين لتشجيعه اكثر مما نجد الحماسة لدى اللاعبين، والا من هوان الدنيا، من يتسكع في طرقات الكرادة داخل أو شوارع لندن هو من يقيم الحكيم.
عمار العامري