محكمة الثورة الإلهية !!

خميس, 01/18/2018 - 22:23

يتحدث العراقيون كثيراً عن محكمة الثورة في الزمن السابق وعن ما فيها من ظلم وإجحاف بحق المواطنين، حيث يحكى عن قاضي هذه المحكمة أنه كان يحكم بالجملة دون التحقيق والنظر في قضية كل فرد، فكان المتهمون يعرضون أمامه ويقفون على شكل صف واحد ، فينظر لهم بعدما يجعل أحد المتهمين هو الفاصل بين الواقفين بجهة اليمين والواقفين بجهة الشمال ويحدد مجموعة على يمين هذا الشخص المتهم فيحكم عليهم بالمؤبد – وهو حكم بمثابة الجنة لهؤلاء المساكين – أما المتهمين على شمال الشخص الذي هو بمثابة فاصلة فيحكم عليهم قاضي محكمة الثورة بالإعدام وهو حكم بمثابة الدخول إلى النار، أما الشخص الوحيد المتبقي الذي كان كفاصلة فكان يطلق سراحه أو يلحق بأصحابه المحكوم عليهم مؤبد.

هكذا كانت تجري المحاكمة في زمن النظام السابق وخصوصاً في محكمة الثورة سيئة الصيت، وهذا أمر يؤلم القلب كثيراً بحيث يجعلنا نمقت هذا القاضي لدرجة كبيرة جداً لظلمه وإجحافه بحق الناس والحكم عليهم بدون أي نظر في أعمالهم وقضاياهم فيعدم من هو برئ ويحكم بالمؤبد على من هو متهم أو يطلق سراح قاتل ومجرم ، لكن ما هو قول المسلمون جميعاً في ما لو كان هذا الفعل الظالم يصدر من الله – استغفره وأتوب إليه - ؟ نعم هناك من يقول بهذا القول ويشبه فعل الرب بفعل قاضي محكمة الثورة العراقية سيئة الصيت!! والأدهى والأمر أن من يقول هذا القول يلقب بشيخ الإسلام والعلامة وأنه نبي لو لم ينقطع الوحي !!..

نعم هذا هو قول ابن تيمية حيث سئل عن صحة الحديث المروي والموضوع عن رسول الله " صلى الله عليه وآله وسلم " (إن الله قبض قبضتين، فقال‏:‏ هذه للجنة ولا أبالي، وهذه للنار ولا أبالي) !! فأجاب ابن تيمية بالإيجاب وصحة الحديث وذكر جملة الأحاديث التي حملت المعنى ذاته والتي تحمل فكرة أن الله تعالى أخذ قبضة من ذرية آدم من ظهره وقال هذه للجنة وقبض أخرى وقال هذه إلى النار وذكر مصادرها!! وذلك في كتاب مجموع الفتاوى الجزء الثامن وفي الصفحة 65 ولطول الجواب وتشعبه لم أذكره نصاً هنا لكن يمكن لأي شخص الإطلاع عليه من خلال المصدر المذكور، فنجد أن ابن تيمية هنا قد شبه الرب بقاضي محكمة الثورة قبضة إلى الجنة وقبضة إلى النار، كمجموعة إلى الإعدام ومجموعة إلى المؤبد !! وهو بذلك خالف النصوص القرآنية التي تؤكد على أن الله سبحانه وتعالى جعل الناس تحت محك الإختبار والإبتلاء والإمتحان ومن خلالها يحكم على الإنسان أما إلى الجنة وأما إلى النار وهذه مجموعة بسيطة من النصوص القرآنية التي تؤكد ذلك :

-قال تعالى {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً } الإنسان3...

-قال جلت قدرته {وَهُوَ الَّذِي خَلَق السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاء لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً .. } هود7 ...

-قال الحكم العدل {إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً } الكهف7....

-قال العلي الأعلى {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً } الكهف30...

-قال الكبير المتعال {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ } الملك2...

-قال الباري {وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ } البلد10...

-قال الجبار {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ } الأنبياء35...

فابن تيمية في قوله هذا وتصحيحه لتلك الأحاديث فقد افترى على الله تعالى وخالف النصوص القرآنية الكريمة المباركة التي تؤكد على إن الله هو الحكم والعدل وغير ظلام للعبيد، فكل نفس بما كسبت رهينة ، لكن هذه هي حقيقة عقيدة ابن تيمية الذي يعتقد بفساد الذات الإلهية ومن كل النواحي مثلما يعتقد بفساد الذات الإلهية من حيث التشبيه والتصوير لها كما أثبت ذلك المحقق الصرخي في المحاضرة الثالثة من بحث " وقفات مع.... توحيد ابن تيمية الجسمي الأسطوري " حيث قال :

{{... تعالوا خذوا الجهل والسفاهة والتفاهة من هذا الكلام، من هذه الخزعبلات، هنا ابن تيمة يقرّ بوجود نقص، يقرّ بأن رؤية الله في المنام فيها نقص، لكن ماذا يقول هنا وكيف يدفع النقص؟ يقول: إنما هذا النقص بحسب حال الرائي، بصحة إيمانه أو بانحرافه باستقامته بإيمانه بفساده بصحة إيمانه بفساد إيمانه، إذن هو يقر بوجود نقص، لكن يقول: هذا النقص حاصل بسبب نفس الإنسان، نفس الشخص، إذن ضعوا هذه القاعدة التوحيدية التيمية الأسطورية الجسمية الأسطورية الخرافية، ضعوها في أذهانكم، هذا أصل من أصول ابن تيمية، أصل راقي، هنيئًا للتوحيد الجسمي الخرافي، مهازل التاريخ، ابن تيمية يحكي بالتوحيد وأتباع ابن تيمية يحكون بالتوحيد ويذبحون الناس تحت عنوان التوحيد، إنا لله وإنا إليه راجعون، إذن التفت هنا، ابن تيمية ماذا يقول؟ يقول: وليس في رؤية الله نقص ولا عيب يتعلق به سبحانه وتعالى، وإنما ذلك بحسب حال الرائي وصحة إيمانه وفساده واستقامة حاله وانحرافه، وهل يدفع النقص أيها العقل الخرافي؟ هل يدفع النقص عندما تنسب النقص للرائي للشخص، للإنسان، لكن هو ماذا رأى؟ رأى الله الطرف الرئيس في الرؤيا الله سبحانه وتعالى، الصورة الرئيسة في الرؤيا هي صورة الله سبحانه وتعالى، عقل خرافي....}}.

فهل يعقل أن يصدر هكذا كلام وهذا رأي وهكذا عقيدة من شخص يقر بوجود الله سبحانه وتعالى فضلاً عن كونه مسلماً ؟ ينفي العدالة عن الله تعالى ويصفه بالظلم والإجحاف بحق العبيد ومخالفة الوعد والوعيد ؟ هل من يقول بهذا القول هل يمكن أن نصفه بمسلم فضلاً عن شيخ الإسلام ؟ فهنيئاً للتيمية شيخهم صاحب التوحيد الخرافي .

بقلم : احمد الملا

Share

أخبار موريتانيا

أنباء دولية

ثقافة وفن

منوعات وطرائف