لابأس إن قلنا أن النور مِنحة ربانية لا تشاهدها الأبصار، بل هو أحساس وشعور وسكينة وطُمأنينة لكل أنسان صادق في نفسه مع ربه أيماناً راسخاً ؛ وتتجلى إشراقات هذا النور في قلب المؤمن على قدر التزامه وطاعته لله وهجرانه للمعاصي والآثام ؛ فمن أنار الله بصيرته بنور الايمان أهتدى لحقائق الاشياء وبواطنها كما تهتدي العين بنور الابصار ..وهذا ما أشار اليه القران في آياته ((يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ {12})(الحديد)
ولاريب أن نور الإيمان الذي يسكن في قلوب المؤمنين يتفاوت على قدر تفاوتهم في الطاعة وقربهم من الله ، فهناك من قد مُلئ قلبه ايماناً ؛وهناك من هو أضعف منه نوراً، ولعل هذا التباين في مستويات الطاعة فضلاً عن الإقبال والإدبار في الإيمان لدى المسلم، من الخصائص التي ترتبط بالضعف البشري، وتستدعي بين الفينة والأخرى تجديداً في الإيمان... ولعل أروع كلام ماقد أقتبسته لكم أحبتي في الله من البحث الاخلاقي (روح الصلاة) لاحد المحققين البارزين في مجتمعنا اليوم وهو الصرخي الحسني والذي قال فيه (إن نور الإيمان يشرف على القلب تدريجيًا، ثم يشتدّ ويتضاعف حتى يتمّ ويكمل، وأول ما يشرق النور يتأثر القلب بالخشية والهيبة من الله وعظمته وكبريائه وسائر صفاته الجلالية والجمالية، ولا يخفى أن الصفات الإلهية غير متناهية، وما ينعكس منها على النفس يتناسب مع مقدار ما تطيقه النفس وما حصل لها من استعداد لتقبّله، وكلّما كان العبد أعرف بربّه كان منه أخوف . )
نعم هكذا هو نور الايمان الحقيقي فإذا أردالآنسان سلوكًا صحيحًا، واستقامة جادة، وأخلاقًا حسنة، فعليه بالإيمان، فكلما ازداد الإيمان انصلح القلب، فتحسنت الأفعال؛
ولاشك أن الإيمان الحي يوقظ القوى الخفية داخل الإنسان ويجعله دومًا يتحدى أوضاعًا أقوى منه ، ويجتاز مصاعب أعظم بكثير من حدود إمكاناته ؛ ولكي يصبح الإيمان راسخًا في القلب ومهيمنا عليه لابد من ممارسة أسباب زيادته.
هيام الكناني