الامر لا يحتاج الى دليل، فالكل يعلم بحجم المأساة التي يعاني منها الشعب العراقي، من الطبقة السياسية الحاكمة، ومدى اشمئزاز المواطن منها، وهذا شيء طبيعي وبديهي، لا يحتاج الى التنظير، أو الجلوس في احدى القنوات الإذاعية، في برنامج سياسي تحليلي، يتحدث عن الوضع المأساوي الذي يعيشه المواطن العراقي.
هنالك الكثير من الأمور الضرورية التي يجهلها ويتجاهلها المواطن، بعيداً عن الفساد والفاسدين، فالكثير من العراقيين لا يميز بين البرلمان وصلاحياته، وبين الحكومة وصلاحياتها، بين الحزب الذي يمتلك مقعدين وبين الحزب الحاكم, بين الحزب الذي لديه مدير عام من المحاصصة وبين الحزب الذي يمتلك أربعة وزارات، فبعضهم لا يميز تلك الامور جهلاً, وبعضهم يستخدم التجهيل عنوةً، من اجل تدليس الحقيقة على عامة النَّاس، لكي تُبعَد المسؤولية عن الحزب الحاكم، اذا ما فشل في ادارة الدولة، فعندها يُنّظَر اليه حاله كحال بقية الاحزاب الأخرى، لأجل ان لا يحمل المسؤولية عن الفشل والفساد الذي يحيط بالمؤسسات التي هي تحت رعايته وادارته.
الدستور العراقي لم يتحدث في اَي موضع من المواضع، عن النسب المقبولة والمرفوضة أثناء المشاركة في الانتخابات النيابية، وهذا الامر ليس بدعة، لأنه موجود في اغلب دساتير العالم، وذلك لتجنب اعادة الانتخابات مرة ثانيةً، لأن لا يتكرر الفشل ذاته، في الاخير فإن الانتخابات سوف تمضي، حتى ولو بنسبة (٢٠٪)من المشاركة الفعلية.
فلا توجد غرابة في هذا الامر بحد ذاته، إنما الغريب من وجود حملة منظّمة، تقودها ماكينات إعلامية رصينة، تعمل بدهاء وحرفية عالية، من خلال التأثير على نفوس الناخبين الغاضبين والممتعضين، من الاحزاب السياسية، لأن نفوسهم مستعدة لتقبل اَي شيء يصدر اتجاه تلك الطبقة الفاسدة، تروج لمقاطعة الانتخابات، تحت شعارات وهاشتاكات تدعو الناخبين للمقاطعة كـ #نعم_لمقاطعة_الانتخابات و #مقاطعة_الانتخابات و #انا_وطني_اقاطع_الانتخابات، وغيرها من الشعارات التي لا يدرك فحواها ونتائجها اغلب المروجين لها.
بما إن الانتخابات ماضية تحت اَي نسبة مشاركة، فإن تلك الدعوات لا قيمة لها اذا كانت الدعوات وطنية وحقيقية، لأنها لن تغيير من الواقع شيء، اما اذا كانت حملات لماكينات حزبية، فإن هدفها قد يتحقق، أو بالأحرى قد تحقق بالفعل، وضمنت مكانها في البرلمان القادم، لأن ما يقارب (70%) من الشعب العراقي متحزب وحسب احصائيات دقيقة، وهذا الامر بذاته سوف يبقي على نفس الاحزاب.
فإذا كنت فعلاً وطني، فتدارك امرك، وانتبه لما انت فيه من الوهم، فإن نسبة الـ (30%) من الشعب العراقي الغير متحزبه، هي ورقة الرهان للتغيير القادم، وهي التي يطلق عليها بالفئة الرمادية، لإمتلاكها القدرة على التغيير، بسبب استقلاليتها الحزبية، لذلك فإن جميع الأحزاب تراهن عليها.
نهاية المطاف؛ فإن جميع الأحزاب تعلم ولو بنسبة (80%) عدد مقاعدها النيابية، من خلال إحصاء عدد أنصارهم المسجلين لديهم، فمن خلال معرفة حجم أنصارهم يعرفون عدد مقاعدهم، لكن يبقى رهانهم على تلك الفئة الرمادية الغير مضمونة إطلاقاً، فتقاعس الفئة الرماديّة، يعني ترك الساحة السياسية خالية أمام الأحزاب المتسلطة، وهذا ما يجعل الأحزاب مطمئنة وآمنة من ان تزاح أو تتغير، لذلك من الواجب على الجميع المشاركة في الانتخابات، والإدلاء بأصواتهم بغية التغيير المرتقب.
رضوان العسكري