الإغلبية، وهي مصطلح شائع في الحياة السياسية الديمقراطية، وتعني النزعة أو التوجه الأعم للناخبين في اقتراع ما، ويُعبر عنها من الناحية الإجرائية بحصول حزب أو تحالف سياسي على الكم الأكبر من الأصوات المعبَّر عنها مقارنة بمنافسيه كل على حدة.
أُبواب تشكيل التحالفات أغلقت, وستنتهي معها فترة تقديم المرشحين, لنشهد أتجاه القوائم والتحالفات نحو المشهد الانتخابي أو الفترة التحضيرية, فتبدأ معها شعارات الدعايات الانتخابية, المصحوبة أحيانًا ببرامج انتخابية ووعودٍ بتقديم الخدمات وتوفير الأمن ومحاربة الفساد والتوجه نحو دولةٍ أصلاحية أو بالمعنى الأصح الدولة المنشودة والمطموح لها, ولكن كل ما تم ذكره لن يُترجم فعليًا, إلا اذا نظرنا للأمور بواقعية أكثر.
الاغلبية الانتخابية, يجب أن ندرك فعليًا, أنه في ظل غياب لغة التحالفات السابقة لكل أنتخابات, لن يصل سقف توقعات كل كتلة أو يفوق الثلاثين أو اربعين مقعدًا, وبالتالي هل هذهِ النسبة قادرةٌ على الايفاء بتلك الوعود المقطوعة؟
قطعًا لا, لأن مجرد فكرة الايفاء بتلك الوعود تجعلك تفكر كثيرًا باغلبية برلمانية, تلك الاغلبية التي تعذر الوصول اليها انتخابيا, فكيف ستتحقق مع ما يقارب خمسة أطراف؟
وان حصل وتم الدخول في دوامة المفاوضات وتم الوصول لتحالف برلماني, هل سيسير نحو تحقيق تِلك العهود, خصوصًا أن كل طرف من هذهِ التحالفات, كان له برنامج خاص به, والية معتمدة ووعود تختلف مع الأخرين, أم انه سيكتفي بتشكيل حكومة اغلبية قائمة على مبدأ المحاصصة, ويتناسى مع الوقت تِلك المطالب والوعود المقطوعة, الأمر الذي يصل بنا لنسبةِ تغيير 0% وأن المناهج التي كانت معتمدة في الحكومات السابقة, عادت نفسها ولكن بوجوه جديدة, وسلوكها لم يكون إلا وسيلة لمسايرة الجمهور والشارع نحو إنتخابهم لا أكثر, والأمر الاخر الأكثر أهمية هو الصراعات التي ستبدأ بأختلافات وجهات النظر داخل اروقة مجلس النواب, لتتوزع تدريجيًا داخل اروقة الدولة ومؤسساتها, لنشهد ايقاف وتأخير أقرار القوانين, وتعطيل المشاريع نتيجة أختلاف السياسات المصلحية فيما بينهم.
كُل ما تقدم كان عبارة عن دوامة ندور فيها مُنذ ما يقارب أثنا عشر عامًا, وخصوصًا أخر دورتين التي تمت وفق الاغلبية البرلمانية, أذن ما هو الحل يا ترى؟
ان لم نسعَ
لتعديل قانون الاحزاب نحو مبدأ الاغلبية الانتخابية, لن تُحل كل المشاكل السابقة, لأن هدف أي توجه سياسي يخوض الانتخابات, هو أما لتشكيل حكومة قادرة على تنفيذ برنامجه الأنتخابي, او لكي يمثل قوة معارضة داخل البرلمان, فيعترض على المنهج المقابل, ليحضى ببعض المطاليب الجزئية, عدا ذلك الامر لن نشهد سوى تصارع مواقع وواجهات شخصية.
هناك فرق شاسع بين من يبحث عن السلطة لأدارتها وفق منظومة قوية وصادقة مع نفسها قبل شعبها, والسير نحو مسارات صحيحة وبخطوات واثقة, وبين من يبحث عن الشكليات المذكورة سابقًا, ولكي نتأمل على الأقل الحصول على ما نريد, يجب أن يتم مقدمًا ووفق قانون مُعدل وضامن لحقوق الشعب المُنتخب لتِلك الحكومات, فالأغلبية الانتخابية ستوضح الكثير من الأمور, من ضمنها ضمان بقاء التحالفات على نفس هيئتها وتوجهاتها خصوصًا بعد الانتخابات, عكس تِلك التحالفات البرلمانية التي غالبًا ما تكون قائمة على المحاصصات والصفقات والمصالح المشتركة, الأمر الذي سيعيد بناء منظومة الفشل السابقة.
الاوزان لكل توجه اليوم معروفة جدًا, ومثلما تتم التحالفات البرلمانية, يمكن أن تتم أنتخابيًا وقبل تسلم السلطة وأعلان النتائج, رغم صعوبة المُضي نحو هذا المبدأ, الا انه سيكون ملبيا لارادة الشارع العراقي بعيدًا عن مبدأ المحاصصة وتوزيع الكعكعة كما هو موصوف مسبقًا.
حسين نعمة الكرعاوي