أن تحقيق الحكمةالألهية الكبرى من خلق العباد في هذه الحياة الدنيا ، وإنزال الكتب وإرسال الرسل هي تحقيق العبادة الخالصة لله جل جلاله ، وشعور العبد أنه مرتبط دائما وفي كل أوقاته إلى هذه العروة الوثقى ومن خلال ذلك كان في تمدد الذات في كونيتها وتفتح زهرة الروح للتوحد مع الوجود وملامسة نور الله والشعور ببهجة لقاءه , أي أن غاية الصلاة لا تكمن في توفير فرصة أو مجال زمني محدد للتعبير عن طلبات نطلبها من الله وما نريد الحصول عليه بجشع مغلف بطبقات من نفاق الذات للذات بل نصلي لنتحرر ونترك ورائنا ، ولو للحظات ، أثقال وأعباء رغبات الأنا وأوهامها ومخاوفها التحتية,لا طائل من صلوات جعلها الناس عادة روتينية يكررونها بلا روح حتى يجنبوا عذاب جهنم أو يفوزوا بجنة خلد .
.وبذلك كلّما ازداد المصلّون المتوجّهون الخاشعون الذاكرون, كلّما قلّت الظُّلمات والأنانيّة والتفرُّد والاستبداد وسوء الظن والحرص والاعتداء والحسد، ويزداد في المقابل نور الفلاح على جبين الحياة ويتلألأ. فأساس كلِّ مرارات البشر من الغفلة عن الله، والاهتمام بالمصالح الشخصيّة فقط. والصلاة تُخرج الإنسان من سور الظلام، وتوجّه شهوته وغضبه نحو الحقيقة المتعالية والخير العام
وسيرا على هذه الاهداف السامية فقد بين المحقق الاستاذ الصرخي في بحثه الاخلاقي (روح الصلاة ) وهذا مقتبس من كلامه الشريف جاء فيه :
((إن للصلاة حيثيتين: الإجزاء والقبول، وقلنا: إن الإتيان بالصلاة فارغة الروح والمعنى خالية الآثار والمعطيات، ***1740;مكن أن تكون مجز***1740;ة ومسقِطة للعقاب ولكنها لا تكون مقبولة ليترتب عليها التشريف والتكريم الإلهي بالفيض والنور القدسي، الذي يأخذ بالمصلي نحو العرش الملكوتي في خطّ سير الترقّي والتكامل، فالغرض الرئيسي من تشريع الصلاة والعبادة، ليس للإجزاء وإسقاط العقاب؛ وإنما لجعل العبد على استعداد للترقّي والتكامل، فينعم الله تعالى عليه بالتسديد والتوفيق للسير في ذلك الصراط المتصاعد نحو الحضرة الإلهية المقدسة. وقد عرفنا أن القبول لا يتحقق إلا إذا توفرت شروط، وترتبت آثار على الصلاة ويرجع الجميع بعد المعرفة إلى محورين من العبادة والأخلاق ويصبّ الجميع في صيانة وتكامل الجانب الشخصي والجانب الاجتماعي.))
انتهى كلام الاستاذ المحقق
في الواقع أنّ الصلاة جاءت مقترنة بالقول الحسن { وقُولوا للنّاس حُسْناً وأقيموا الصَّلاةَ وآتوا الزّكاةَ... }.(البقرة/83)
لئلا تصدر عن المصلّي كلمة السوء، ولئلا يحرّك لسانه بغير الاصلاح والخير، فلا يكذب ولا يغتاب ولا يسبّ ولا يلعن ولا ينطق بالكلمة البذيئة، بل ينشر بلسانه الخير والفضيلة فيستعمل الكلمة الطيّبة، كلمة الاصلاح والايمان، ويتعامل بالعبارة الجميلة المسرّة، لأنّ للكلمة دورها الفعّال في إصلاح المجتمع، والتأثير على سير حياته الفكرية والثقافية وتكوين العلاقات والروابط النفسية والاجتماعية فيه:
{ أَلَمْ تَرَ كيفَ ضَرَبَ اللهُ مثلاً كلمةً طيّبةً كشجرةٍ طيبةٍ أصْلُها ثابتٌ وفَرْعُها في السّماءِ تُؤتي اُكُلَها كلَّ حينٍ بإذْنِ رَبّها، ويضربُ اللهُ الأمثالَ للنّاسِ لَعلَّهُم يَتَذَكَّرون* وَمَثَلُ كَلِمةٍ خبيثةٍ كشجرةٍ خبيثةٍ اجتُثَّتْ مِنْ فوقِ الأرضِ مَا لها مِنْ قرارٍ }.(إبراهيم/24 ـ 26)
مقتبس من البحث الأخلاقي ( روح الصلاة ) للمحقق الأستاذ الصرخي
احمد الركابي
cutt.us