إنتهى مؤتمر المانحين في دولة الكويت، وسط فرحة للحكومة العراقية بحجم الأموال التي حصلت عليها، وآمال كبيرة من الشعب العراقي، في أن تغير هذه الأموال من الواقع الذي يعيشه، وسط وضع سياسي واقتصادي يشوبه الكثير من الفساد المالي والإداري، قضى على أضعاف الأموال الممنوحة.
واقع الحال والأرقام تقول، إن هذا المؤتمر لم يكن لمنح الأموال للعراق لإعادة أعماره، حيث لم تتجاوز المبالغ الممنوحة 350 مليون دولار، في غالبها منح ومساعدات من منظمات إنسانية، تكاد تكون نقطة في بحر من حاجة العراق الفعلية، لإعادة بناء مدنه المدمرة على إثر الحرب مع داعش، والتبعات الإقتصادية والإجتماعية المترتبة من جراء هذه الحرب، وانعكاساتها على الواقع المعيشي للفرد العراقي.
بلغت القروض والتسهيلات المصرفية 29 مليار و600 مليون دولار، فأما القروض فهي تضاف الى مبالغ القروض العراقية المتراكمة، الذي وصل الى 118 مليار دولار، وصار يثقل كاهل الموازنة العراقية، وإنعكس سلبا على المواطن العراقي، الذي إزدادت عليه الضرائب وزادت من معاناته المتراكمة، ولا نعرف كيف ستسدد الحكومة العراقية هذه المبالغ، وإقتصاد العراق يعتمد على النفط فقط، الذي لا تغطي صادراته حاجة العراق الفعلية من الأموال.
أما التسهيلات المصرفية، فهي للشركات العالمية والحكومة العراقية، إذا ما نجحت في جذب إستثمارات حقيقية تنعش إقتصاد البلاد، وتفعل عجلته الاقتصادية المتوقفة، ولا نعرف كيف ستقوم الحكومة بخلق أجواء إستثمارية حقيقية، بعد أن عجزت الحكومات السابقة عن ذلك، وسط أجواء ما زالت مشحونة سياسيا وإجتماعيا، وإنتشار للسلاح السائب خارج إطار الدولة، وعشائر تصارع الحكومة على المنافذ الحدودية، والفساد المالي والإداري المستشري في مفاصل الدولة، والتعامل السياسي والشخصي مع هذه الشركات ومحاولات ابتزازها.
تفاعل الشارع العراقي مع هذا المؤتمر، وفرح بالمبالغ المستحصلة فيه، ولكنه ظل يتساءل هل ستذهب هذه المبالغ للحكومة العراقية، وتتعامل معها كما تعاملت مع الأموال الكبيرة في الموازنات السابقة؟ فإن كان كذلك فلا يعدو الأمر من تكبيل العراق بمبالغ مالية إضافية، وزيادة أموال الفاسدين والانتهازيين، أم إن الشركات العالمية ستقوم بانجاز مشاريع عمرانية في العراق، مقابل هذه المبالغ الممنوحة؟ بل ذهب بعضهم الى طلب الوصاية الدولية على صرف هذه المبالغ، وان تكون تحت إشراف لجان مختصة من الأمم المتحدة أو الدول المانحة.
ستبقى آمال العراقيين معلقة وثقتهم معدومة، ما لم يروا تأثيرا حقيقيا لهذه الأموال على واقعهم الإجتماعي والعمراني، فقد مروا بتجارب مريرة تثبت صدق مخاوفهم، والأموال التي أهدرت كانت ستغنيهم عن المنح والحاجة الى القروض، وما لم تتغير سياسة الحكومة القادمة عن سابقاتها، فستصبح هذه الأموال مجرد أرقام على الورق، لن يرى العراقيون منها شيئا.
ثامر الحجامي