يلعب العلم دوراً كبيراً في حياتنا اليومية ، فهو يتداخل مع جميع المجالات التي تتعلق بحياة الفرد و المجتمع فلا يكاد مجال يخلو من العلم بل لا يكاد ينفك منه فكل شيء مرتبط بالإنسان نجد للعلم دور في تكوينه أو تنميته أو وجوده أصلاً ، أما شريحة العلماء فكانت هي أحدى أهم المقومات التي تبنى على أساسها مسيرة حياة هذا الكائن الحي من خلال ما تقدمه تلك الشريحة من نصائح و إرشادات و توجيهات تكون مقومة و بشكل صحيح لتلك المسيرة فتجعلها تمضي قدماً نحو تحقيق التكامل في مختلف مجالاتها وهذا كله بفضل العلم الذي تدرج في مراحله العلماء حتى تمكنوا من قيادة المجتمع نحو بر الأمن و الأمان وبما يتماشى مع مجريات الأحداث و ينسجم معها فيخرج بالنتائج الطيبة من جهة ، و يحقق ما تصبو إليه السماء في إقامة دول العدل و الحرية و المساواة المنبثقة من تعاليمها السمحاء إذاً لا خيار أمام الإنسان إلا الانخراط في دور العلم و السعي الجاد في الاستزادة منها و الخروج بأفضل النجاحات الباهرة إما في حالة عزوف الإنسان عن العلم و التعلم فإنه حتماً سيرسم له مستقبل فاشل لا خير فيه سيكون حينها أداة بيد إبليس و أعوانه الجهلاء ، فإبليس وكما نعلم جميعنا هو لا يريد للإنسان الخير و الصلاح و الفوز برضا الله تعالى وقد أعدَّ العدة لتحقيق ذلك فأخذ يوسوس للإنسان بترك الدراسة و أن لا خير فيها و انظر إلى سين من الناس هو صاحب شهادة ولا يجد عملاً أو شهادته لم تنفعه أو انظر إلى الغني كيف كون ثروته من خلال العمل اليومي دون أن يلجأ إلى مقاعد الدراسة فالمال أولى من الدرس و القراءة و التعلم فهي أمور بالية قد أكل الدهر عليها و شرب وهنا يكون الإنسان حقيقةً أمام اختبار صعب و موقف لا يُحسد عليه و تجربة قاسية فهو إما أن يتنازل عن قيمه و إنسانيته و يتبع الشيطان و يصبح ألعوبة بيده يسيره كيفما يشاء وقت ما يشاء أو أن يختار طريق العلم و العلماء و الرشاد و الخير و الإصلاح فيبني له مستقبلاً ناصعاً بالعلم و العلوم عامة و يبني مجتمعاً ناهضاً قادراً على تحمل مشاق و أعباء الحياة و يؤسس لجيلٍ مفعم بالأمل و النجاح و الازدهار وهذا ما لا يرده إبليس واقعاً و مضموناً، وخير ما يؤكد صحة كلامنا المناظرة التي جرت بين نبينا الكريم محمد ( صلى الله عليه و آله و سلم ) و بين إبليس وكيف كشف الأخير مدى حقده و بغضه للعلم و العلماء في معرض جوابه على سؤال النبي الذي قال له ( كم أعداءك من أمتي ؟) فقال إبليس :( عشرون أولهم أنت يا محمد فأنا أبغضك و الثاني العامل بالعلم ) من هنا نجد أن العلم و كل عامل بالعلم هو من أعداء الشيطان الرجيم وحتى لا تلتبس الأمور على القارئ اللبيب فقد وضع هذا الأخير شرطاً مهماً لعدوه الثاني فلم يقل العالم بل قال العامل بالعلم حتى يكون فيصلاً بين العالم الساكت و المنبطح للدينار و الدرهم و بين العالم العامل بالعلم الذي يسخره في خدمة المجتمع و حمايته من نوائب الدهر المهلكة وقد علق المحقق الأستاذ الصرخي الحسني في محاضرته (28) من سلسلة بحوثه العلمية في التحليل الموضوعي في العقائد و التاريخ الإسلامي بتاريخ 7 / 4 / 2014 قائلاً :(( إذاً أول أعداء إبليس هو محمد و الثاني مَنْ هو الثاني ؟ لاحظ عندنا هنالك عالم يُؤمَّن عمل الفاسد ، يؤمِّن عمل الأمير ، يُصدِّق الأمير على جوره ينبطح للأمير أو هو المتسلط أو الحاكم ، الثاني هو العامل بالعلم لاحظ لم يذكر العالم وبعد هذا يذكر العلم قدم القيد قدم الصفة قدم الشرط شرط العمل قال العامل بالعلم ليس العالم و إنما العامل بالعلم حتى لا يشتبه القارئ لم يقل العالم العامل قدم قال العامل بالعلم )).
بقلم // احمد الخالدي