بعد اعلان النصر المؤزر على الارهاب، وبعد ماخاض العراق حرب ضروس ضد داعش الارهاب لعدة سنوات نيابة عن دول المنطقة بأجمعها، مما كبده خسائر مادية وخسائر في الارواح و الممتلكات، جعل منه ساحة حرب كبيرة وجبهة قتال مفتوحة من جميع محاورها، اي تدمير مستمر للبنى التحتية للعراق، واستنزاف للموارد والخزينة الوطنية لسنوات طوال.
هذا المشهد المعقد، يضع دول العالم والجوار بخانة المسؤول عن اعادة اعمار العراق، وترميم ما خربه الارهاب، فالمسؤولية الدولية، والاعتبارات الانسانية تلزم تلك الدول، ان يتعاونوا على حمل التركة الثقيلة التي ينوء بها العراق لوحده منذ سنوات خلت، من هذا المنطلق عقد مؤتمر الكويت للدول المانحة، وكان من المؤمل ان يكون بارقة امل، لكن يخشى ان يكون ذلك المؤتمر كرنفالا اعلاميآ، لرفع الحرج واسقاط فرض ليس الا، ولم يؤتي أكله كما يجب.
اذ غابت الخريطة الدقيقة التي ترصد حجم الدمار، وعلى ضوءها يقدر حجم المساعدات المطلوبة هذا من جانب، اما الجانب الاخر فلم تغادر تلك الارقام و المبالغ المرصودة لاعمار العراق، خانة التنظير بل بقيت حبر على ورق، اي انها لم تشفي جرح بل العكس زادت الطين بلة!
خصوصا اذا علمنا ان جل تلك الاموال لم تسد ربع الحاجة الفعلية للنهوض بعملية الاعمار، اضافة الى ان القسم الاعظم منها، جاءت تحت عنوان قروض جديدة، اي فوائد تغرق العراق بسجل ديون لا نهاية له، او تحت بند " تسهيلات مصرفية" وهي عبارة مطاطية وقابلة للتأويل والتفسير حسب مصلحة الجهة المانحة، ربما تكون ضمانات جديدة، للشركات الاستثمارية الكبرى ذات الطابع الاحتكاري، ان تحكم قبضتها على النمو الاقتصادي العراقي وتجهز عليه.
لانريد ان نبدو سيئين الظن، لكن مؤتمر الكويت يزيد من سقف التحديات للحكومة الحالية، والحكومات القادمة، وذلك بتحويل الخسارة الى ربح وفائدة، وذلك بالاستفادة القصوى من تلك الاموال التي سيخرج بها العراق، ان وفت الدول بوعودها، من جهة، ونصب شبكة صيد كبيرة لحيتان الفساد من جهة اخرى، حتى لا تذهب تلك المنح لبطون تلك الحيتان مباشرة، حتى بدون ترانزيت عبر الاراضي العراقية!.
رسل جمال