احتفالات بهيجة عمت المنطقة الخضراء، بعد إعلان نتائج الانتخابات السابقة من قبل المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، وأستقبل رئيسها في حينه إستقبال الفاتحين، ترافقه الأهازيج والأغاني محمولا على الأكتاف، لأن نتائج الانتخابات التي طال انتظارها لمدة شهر، جاءت لصالح كتلة سياسية معينة ينتمي لها رئيس المفوضية.
صناديق انتخابية كاملة مرمية في حاويات النفايات، لان أغلبية الأصوات فيها تميل لجهات سياسية منافسة، ومدن غارقة بالفياضات كان حجم المشاركة في الانتخابات يتجاوز 80%، بلغ حجم التصويت لكتلة معينة تختلف طائفيا وسياسيا 90%! وزيادة في أصوات التصويت الخاص بلغ أكثر من 40 ألف صوتا، كلها ذهبت الى جهة سياسية واحدة، كان ثمن ذلك 50 مليون دولار هدية الى رئيس المفوضية السابق، بحسب ما ذكره الراحل الدكتور احمد الجلبي، وصناديق تالفة تم استخراجها من المخازن واحتساب أصواتها، فتحولت الانتخابات الماضية من ممارسة ديمقراطية الى مهزلة.
ممارسات من المفوضية، أفقدت العملية الديمقراطية في العراق كل طعم ولون، واستشعر الجميع إن أصواتهم ذهبت هباء منثورا، بعد أن فعلت المفوضية الأعاجيب من اجل أن تكون النتائج في صالح كيان سياسي معين، حيث كانت المصالح الحزبية والشخصية والأموال السياسية هي الغالبة، أفقدت المفوضية استقلالها وحياديتها، مستغلة الغطاء القانوني والدستوري الذي يضمن استقلالها، فذهبت جميع شكاوى الكتل السياسية وطعوناتها المستندة الى الأدلة والإثباتات في مهب الريح.
صراع على أشده جرى في صفوف البرلمان العراقي، من اجل تغيير مفوضية الانتخابات السابقة بأخرى جديدة، تمخض عنه مفوضية أخرى " حزبية " بامتياز، بعد أن تقاسمت الأحزاب الحاكمة مجلس المفوضين فيما بينها، أفقدت المفوضية شرطها الأساسي الذي يجب أن تكون عليه وهو الاستقلالية، حرصا من هذه الأحزاب على ضمان نفوذها وخوفا من أن تعاد الكرة السابقة مرة أخرى، بعد أن انعدمت الثقة والنوايا السيئة حاضرة عند الجميع، فلم تعد الأولوية لإنجاح الانتخابات والعملية الديمقراطية، وإنما الحفاظ على مصالح الكتل السياسية.
جاءت المفوضية الجديدة محملة بتركة ثقيلة من الأخطاء والخروقات السابقة، وانعدام الثقة من الجميع مرشحين وناخبين، الذين باتوا يخشون ضياع أصواتهم وتجييرها لجهات سياسية بعينها، خاصة وان المفوضية الجديدة لم تعط الى الآن إشارات الاطمئنان بأنها ستكون مستقلة في عملها، الذي ما زالت تغلب عليه العشوائية والتصارع الحزبي، الذي ظهر في الفترة الحالية مع اقتراب الانتخابات من موعدها، فقرعة الكيانات السياسية كانت مهزلة والتنقلات التي حدثت مؤخرا فيها تؤكد إن هناك شيئا يطبخ في أروقتها.
كل الأمل أن تكون المفوضية في المرحلة القادمة مع الجماهير، كونها الأمينة على أصواتهم التي سترسم مستقبل العراق الجديد، وأن تكون بعيدة عن الحزبية وعن المساومات التي ستؤثر في العملية السياسية، وأن لا تكون ملكا لمن يحاول امتلاكها ويجعلها أداة غير شريفة، من اجل الوصول الى السلطة.
أسعد الموسوي