بغض النظر عن مصالح الدول الغربية الكبرى في المنطقة الإسلامية، وما يعزى الى تفكيك الإسلام والقضاء عليه، أو الهيمنة على موارد وأقتصاد الدول والشعوب والتحكم فيه، دعونا نتفق على أن السياسة وسيلة جذب وضغط، لحرب دائرة منذ قرون، أدواتها شعوب المنطقة والعمالة الإقليمية! وبنيت على منشأ خلاف (ديني – سياسي) يرتبط ما بين (قبول تنصيب حكومة علي) و (رفض تصويت برلمان السقيفة)، أختزلت مباني تلك الحرب الدائرة مؤخراً، بمعادلة واحدة فقط! لم تستطع عظمة وقوة تلك الدول، من إذابة أحد اطرافها، أو إيجاد أتزان لها، وباتت تعرف باسم معادلة ( العقيدة والمذهب)، لأهم قطبين في المنطقة وهما (المملكة العربية السعودية والجمهورية الفارسية الإيرانية).
ما زاد المعادلة إرتباك وتعقيد، بأن (الطرف العربي)، بدأ يتبنى مفهوم (المذهب والعقيدة)، كركيزة أساسية للفصل بين الطرفين، وبذلك فتح الأفق امام (الطرف الفارسي)، بأن يدخل الى العمق العربي! من خلال بعض الدول العربية التي تشترك معه من حيث (العقيدة والمذهب)، مثل (العراق ولبنان وسوريا واليمن)، فضلاً عن المشتركات الأساسية، للقضايا المصيرية التي يتبناها الجانب (الفارسي) من بعض الاطراف ذات العمق العربي، مثل (حماس) في فلسطين، و(حزب الاخوان المسلمين) في مصر، والتي تغاضى أو غفل عن تبنيها الجانب العربي السعودي، وبذلك شيكت معادلة تلك الحرب، بأنها لو وقعت لا تسلم جميع شعوب المنطقة من نيران أسلحتها!
الحرب الدائرة اليوم بدأت ترتفع عن مستوى ومؤشر الحرب الباردة، وكل طرف فيها يحاول لملمة أجزاءه، محاولاً الاستفادة من اصغر وأدق تلك الاجزاء فضلا عن أكبرها، فتداخلت المواقف، وأختلفت بعض المتبنيات ما بين أهم الاقطاب الرئيسية في المنطقة، ( جنون أمريكا ومحاولة السيطرة لكبح نفوذ الدب الروسي) و ( صبيانية السعودية وبسط النفوذ لتقليص الوجود الفارسي)، وما بين تلك الأقطاب وتلك، تجد الدول الأخرى نفسها ليس إلا أدوات او ساحة حرب! لتصفية حسابات تلك الدول المتناحرة.
على الصعيد الإيراني، إستطاعت وخلال فترة التحضير لتلك الحرب، أن تفرض أدواتها وتأثيرها على أغلب مناطق ومواقع إدارة المعركة، مثل (حزب الله في لبنان, وفصائل المقاومة في العراق, وحركة حماس في فلسطين, وأنصار الله في اليمن, والجمعيات المعارضة في البحرين, وفصائل التحرير الشيعية في سوريا, وحزب الاخوان في مصر) فضلا عن تشكيل بعض الفصائل في السودان ومناطق أفريقيا،و دخول ايران مؤخرا كحليف ستراتيجي مع قطر وتركيا! على حساب الجانب السعودي.
السعودية؛ إقتصر دورها وخلال تلك الفترة، على إنشاء ودعم (مجاميع وعصابات وجيوش) بفحوى معادلة ( العقيدة والمذهب) كما أشرنا، والعمل على تسليحها وزجها في مناطق تواجد النفوذ الإيراني للحد من توسعه، فكان لها الدور الأكبر بتصدير (داعش الى العراق, والقاعدة في ليبيا واليمن, والجيش الحر والنصرة وبعض تلك الحركات الى سوريا, فضلا عن دعم داعش في مصر وجنوب لبنان)، وبذلك تكون التحركات السعودية استعدادات هجومية إنعكست بالضد منها ،خصوصا بعد الخلاف العميق بين قطر والسعودية، والاتهامات المتبادلة بدعم الارهاب! وكشف ملابسات وكواليس ما حصل بينهما، من إتفاقات وتحالفات ضد امن واستقرار الدول المجاورة والإقليمية والعالمية.
نهاية المطاف نقول: بأن منشأ وأصل الصراع، يكمن بين (مجنون أمريكي) يحاول السيطرة على العالم، و(مجرم روسي) يحاول أن ينسف حلم المجنون، وعلى هذا الأساس حددت الدول الحليفة القوية من الدرجة الثانية مصلحتها في اي جبهة تكون، فحلق (السعوديين) في الطائرات الاميريكية للحرب! وأبحر (الايرانيين) بالأساطيل الروسية للرد، ولا نعلم مصيرنا نحن العراقيون أين سيكون؟ على الجزم بمصالح الطرفين، إلا ان (السعودية) تمد لنا يدها جديدة بيضاء لتحقن دمائنا! قبالة يد ايران الممتدة لنا منذ عام ( 2003) ولغاية الان! فهل سنقطع يد ايران ونذهب للسعودية؟ أم سنقطع يد السعودية لنبقى ونلتزم يد إيران؟ أم نضع يدنا بيد هذا وبيد هذا؟ ونكون بذلك السياسي رقم (واحد) الذي استطاع ان يسرق مصالحه من تلك اليدين، مع الفرق بينهما، والحاجة الملحة اليهما ايضا، خصوصا مع هذا الوقت والمرحلة.
وليد كريم الناصري