مد الزعيم مقتدى الصدر يد التفاوض لتشكيل ائتلاف حكومى بعد الانتخابات التشريعية التى أعلن فيها العراقيون رفضهم للطبقة السياسية الحاكمة.
فمع عزوف غير مسبوق وتصدر لائحتين مناهضتين للتركيبة السياسية النتائج، بعث العراقيون برسالة واضحة لسياسييهم الذين لم يتغيروا منذ سقوط نظام صدام حسين قبل 15 عاما.
لم يتوان الناخبون عن المطالبة بـ"التغيير" وب"وجوه جديدة" فى السلطة. وبعد فرز الأصوات، حل تحالف الصدر أولا، تلاه ائتلاف فصائل الحشد الشعبي، التى لعبت دورا حاسما فى إسناد القوات العراقية ضد تنظيم داعش، يبدو أن الأمور تتجه لأن يقرر الصدر شكل الحكومة المقبلة.
ويؤكد الشاب صلاح جمال (24 عاما) من مدينة الصدر فى شرق بغداد لوكالة فرانس برس "نحن نريد التغيير. والتغيير يأتى بأن يكون رئيس الوزراء من سائرون"، اى التحالف الذى يجمع الصدريين بالحزب الشيوعي، فى سابقة سياسية عراقية، ويضيف جمال "جربنا الجميع منذ العام 2005، ولم نر شيئا. واليوم المجرب لا يجرب، أتينا بالجديد".
لكن عراق ما بعد صدام شكل نظامه السياسى بشكل معقد يفرض قيام تحالفات برلمانية، لمنع عودة الديكتاتورية والتفرد بالحكم.
عقب كل انتخابات تشريعية تدخل الكتل الفائزة فى مفاوضات طويلة لتشكيل حكومة غالبية، وليس بعيدا أن تخسر الكتلة الأولى الفائزة فى الانتخابات التشريعية قدرتها على تشكيل حكومة، بفعل تحالفات بين المجموعات البرلمانية.
لكن يبدو أن المفاوضات الجديدة ستكون معقدة، وسط توتر قائم بين واشنطن وطهران، بفعل الانسحاب الأمريكى من الاتفاق النووى الإيرانى.
وإضافة إلى ذلك، فإن شخصية الصدر ونهجه موضع إشكال لدى الولايات المتحدة وإيران على حد سواء، فلن تنسى واشنطن "جيش المهدى" الذى أدمى صفوف القوات الأمريكية إبان الغزو فى العام 2003.
والإيرانيون يتذكرون دائما المواقف العدائية لسليل آل الصدر المعروفين بزعامتهم الدينية ذات الاحترام الواسع. وآخر تلك المواقف كان زيارته إلى السعودية، عدو إيران اللدود.
ووصل رئيس الوزراء المنتهية ولايته حيدر العبادى إلى رأس السلطة فى العام 2014، بعد اتفاق ضمنى بين واشنطن وطهران، لكن المهمة تبدو مختلفة اليوم. فبحسب مصادر سياسية، بدأ الإيرانيون بالفعل اجتماعات مع مختلف الأطراف، متجنبين مقتدى الصدر.
وأحد التحالفات الممكنة هو بين العبادى وقائمة الحشد الشعبى التى يقودها هادى العامرى رئيس منظمة بدر المدعوم من إيران. وسيكون الرجل الثالث نورى المالكي، سلف العبادي، الذى يحاول دائما العودة إلى الحكم، لكنه يمثل لكثير من العراقيين الوجه الفاسد للطبقة السياسية، واستفاد مقتدى الصدر من التظاهرات الأسبوعية ضد الفساد وموجة الاستياء من الفاسدين.
من جهته، يقول العامرى مع مرشحين آخرين من الحشد الشعبى إنه خاطر بحياته على الجبهات ضد تنظيم الدولة الإسلامية، فيما يتهم العراقيون مسؤوليهم بالسعى إلى زيادة الثروات على حساب المصلحة العامة.
ونشر الصدر بيانا مساء الاثنين، عبر تويتر، لمح فيه من خلال اللعب على الكلام إلى نية التعاون، ذاكرا أسماء الكتل التى لا مانع لديه من التحالف معها، مستثنيا "الفتح" (الحشد الشعبى) والمالكى.
وأعلنت المفوضية العليا للانتخابات أن نسبة المشاركة فى الاقتراع بلغت 44,52 فى المئة، وهى الأدنى منذ بدء الانتخابات المتعددة الأحزاب فى العام 2005. ومع عدم اعلان النتائج النهائية، زادت الشائعات والتوقعات، فجنوب بغداد على سبيل المثال، أعلن 20 مرشحا فوزهم فعليا فى محافظة بابل علما بانه خصص لها 17 مقعدا فقط.
والنتائج الجزئية الرسمية اعلنتها المفوضية العليا المستقلة للانتخابات على يومين، وشملت 16 محافظة من أصل 18، ولا تزال محافظتا كركوك ودهوك تنتظران إعلان نتائجهما.
وكالات